يعني في قصة حلفه صلى الله عليه وسلّم أن لا يدخل على نسائه شهرا كما تقدم في النكاح أنه صلى الله عليه وسلّم كان في وقت خلوته بنفسه يتخذ بوابا ولولا ذلك لاستأذن عمر لنفسه ولم يحتج إلى قوله يا رباح استأذن لي قلت ويحتمل ان يكون سبب استئذان عمر أنه خشي ان يكون وجد عليه بسبب ابنته فأراد أن يختبر ذلك باستئذانه عليه فلما أذن له اطمأن وتبسط في القول كما تقدم بيانه وقال الكرماني ملخصا لما تقدم معنى قوله لم يجد عليه بوابا انه لم يكن له بواب راتب أو في حجرته التي كانت مسكنا له أو لم يكن البواب بتعيينه بل باشرا ذلك بأنفسهما يعني أبا موسى ورباحا قلت الأول كاف وفي الثاني نظر لأنه إذا انتفى في الحجرة مع كونها مظنة الخلوة فانتفاؤه في غيرها أولى وان أراد اثبات البواب في الحجرة دون غيرها كان بخلاف حديث الباب فان المرأة انما جاءت إليه وهو في منزل سكنه فلم تجد عليه بوابا وفي الثالث أيضا نظر لأنه على تقدير أنهما فعلا ذلك من قبل أنفسهما بغير أمره لكن تقريره لهما على ذلك يفيد مشروعيته فيمكن ان يؤخذ منه الجواز مطلقا ويمكن ان يقيد بالحاجة وهو الأولى وقد اختلف في مشروعية الحجاب للحكام فقال الشافعي وجماعة ينبغي للحاكم ان لا يتخذ حاجبا وذهب آخرون إلى جوازه وحمل الأول على زمن سكون الناس واجتماعهم على الخير وطواعيتهم للحاكم وقال آخرون بل يستحب ذلك حينئذ ليرتب الخصوم ويمنع المستطيل ويدفع الشرير ونقل بن التين عن الداودي قال الذي أحدثه بعض القضاة من شدة الحجاب وإدخال بطائق الخصوم لم يكن من فعل السلف انتهى فأما اتخاذ الحاجب فقد ثبت في قصة عمر في منازعة العباس وعلي انه كان له حاجب يقال له يرفا ومضى ذلك في فرض الخمس واضحا ومنهم من قيد جوازه بغير وقت جلوسه للناس لفصل الاحكام ومنهم من عمم الجواز كما مضى واما البطائق فقال بن التين ان كان مراده البطائق التي فيها الاخبار بما جرى فصحيح يعني انه حادث قال واما البطائق التي تكتب للسبق ليبدأ بالنظر في خصومة من سبق فهو من العدل في الحكم وقال غيره وظيفة البواب أو الحاجب ان يطالع الحاكم بحال من حضر ولا سيما من الأعيان لاحتمال ان يجيء مخاصما والحاكم يظن انه جاء زائرا فيعطيه حقه من الاكرام الذي لا يجوز لمن يجيء مخاصما وايصال الخبر للحاكم بذلك اما بالمشافهة واما بالمكاتبة ويكره دوام الاحتجاب وقد يحرم فقد أخرج أبو داود والترمذي بسند جيد عن أبي مريم الأسدي انه قال لمعاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول من ولاه الله من أمر الناس شيئا فاحتجب عن حاجتهم احتجب الله عن حاجته يوم القيامة وفي هذا الحديث وعيد شديد لمن كان حاكما بين الناس فاحتجب عنهم لغير عذر لما في ذلك من تأخير إيصال الحقوق أو تضييعها واتفق العلماء على انه يستحب تقديم الأسبق فالأسبق والمسافر على المقيم ولا سيما ان خشي فوات الرفقة وان من اتخذ بوابا أو حاجبا أن يتخذه ثقة عفيفا أمينا عارفا حسن الأخلاق عارفا بمقادير الناس