وقد أورد عليه ان الخوارج في زمن بني أمية تسموا بالخلافة واحدا بعد واحد ولم يكونوا من قريش وكذلك ادعى الخلافة بنو عبيد وخطب لهم بمصر والشام والحجاز ولبعضهم بالعراق أيضا وأزيل الخلافة ببغداد قدر سنة وكانت مدة بني عبيد بمصر سوى ما تقدم لهم بالمغرب تزيد على مائتي سنة وادعى الخلافة عبد المؤمن صاحب بن تومرت وليس بقرشي وكذلك كل من جاء بعده بالمغرب إلى اليوم والجواب عنه أما عن بني عبيد فانهم كانوا يقولون انهم من ذرية الحسين بن علي ولم يبايعوه الا على هذا الوصف والذين أثبتوا نسبتهم ليسوا بدون من نفاه وأما سائر من ذكر ومن لم يذكر فهم من المتغلبين وحكمهم حكم البغاة فلا عبرة بهم وقال القرطبي هذا الحديث خبر عن المشروعية أي لا تنعقد الإمامة الكبرى الا لقرشي مهما وجد منهم أحد وكأنه جنح إلى انه خبر بمعنى الأمر وقد ورد الأمر بذلك في حديث جبير بن مطعم رفعه قدموا قريشا ولا تقدموها أخرجه البيهقي وعند الطبراني من حديث عبد الله بن حنطب ومن حديث عبد الله بن السائب مثله وفي نسخة أبي اليمان عن شعيب عن أبي هريرة عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة مرسلا انه بلغه مثله وأخرجه الشافعي من وجه آخر عن بن شهاب أنه بلغه مثله وفي الباب حديث أبي هريرة رفعه الناس تبع لقريش في هذا الشأن أخرجاه في الصحيحين من رواية المغيرة بن عبد الرحمن ومسلم أيضا من رواية سفيان بن عيينة كلاهما عن الأعرج عن أبي هريرة وتقدم في مناقب قريش وأخرجه مسلم أيضا من رواية همام عن أبي هريرة ولأحمد من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة مثله لكن قال في هذا الأمر وشاهده عند مسلم عن جابر كالأول وعند الطبراني من حديث سهل بن سعد وعند احمد وبن أبي شيبة من حديث معاوية وعند البزار من حديث علي وأخرج احمد من طريق عبد الله بن أبي الهزيل قال لما قدم معاوية الكوفة قال رجل من بكر بن وائل لئن لم تنته قريش لنجعلن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب غيرهم فقال عمرو بن العاص كذبت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول قريش قادة الناس قال بن المنير وجه الدلالة من الحديث ليس من جهة تخصيص قريش بالذكر فإنه يكون مفهوم لقب ولا حجة فيه عند المحققين وانما الحجة وقوع المبتدأ معرفا باللام الجنسية لأن المبتدأ بالحقيقة ها هنا هو الأمر الواقع صفة لهذا وهذا لا يوصف الا بالجنس فمقتضاه حصر جنس الأمر في قريش فيصير كأنه قال لا أمر الا في قريش وهو كقوله الشفعة فيما لم يقسم والحديث وان كان بلفظ الخبر فهو بمعنى الأمر كأنه قال ائتموا بقريش خاصة وبقية طرق الحديث تؤيد ذلك ويؤخذ منه ان الصحابة اتفقوا على افادة المفهوم للحصر خلافا لمن أنكر ذلك والى هذا ذهب جمهور أهل العلم ان شرط الامام ان يكون قرشيا وقيد ذلك طوائف ببعض قريش فقالت طائفة لا يجوز الا من ولد علي وهذا قول الشيعة ثم اختلفوا اختلافا شديدا في تعيين بعض ذرية علي وقالت طائفة يختص بولد العباس وهو قول أبي مسلم الخرساني واتباعه ونقل بن حزم ان طائفة قالت لا يجوز الا في ولد جعفر بن أبي طالب وقالت أخرى في ولد عبد المطلب وعن بعضهم لا يجوز الا في بني أمية وعن بعضهم لا يجوز الا في ولد عمر قال بن حزم ولا حجة لأحد من هؤلاء الفرق وقالت الخوارج وطائفة من المعتزلة يجوز ان يكون الامام غير قرشي وانما يستحق الإمامة من قام بالكتاب والسنة سواء كان عربيا أم عجميا وبالغ ضرار بن عمرو فقال تولية غير القرشي أولى لأنه يكون أقل عشيرة فإذا عصي كان أمكن لخلعه وقال أبو بكر بن الطيب لم يعرج المسلمون