ذكر سابعه وهي قراءة آية الكرسي ولم يذكر لذلك مستندا فان كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي هريرة ولا يقربنك شيطان فيتجه وينبغي أن يقرأها في صلاته المذكورة وسيأتي ما يتعلق بآداب العابر وقد ذكر العلماء حكمه هذه الأمور فأما الاستعاذة بالله من شرها فواضح وهي مشروعة عند كل أمر يكره وأما الاستعاذة من الشيطان فلما وقع في بعض طرق الحديث أنها منه وأنه يخيل بها لقصد تحزين الآدمي والتهويل عليه كما تقدم وأما التفل فقال عياض أمر به طردا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرا له واستقذارا وخصت به اليسار لأنها محل الأقذار ونحوها قلت والتثليث للتأكيد وقال القاضي أبو بكر بن العربي فيه إشارة إلى أنه في مقام الرقية ليتقرر عند النفس دفعه عنها وعبر في بعض الروايات بالبصاق إشارة إلى استقذاره وقد ورد بثلاثة ألفاظ التفث والتفل والبصق قال النووي في الكلام على النفث في الرقية تبعا لعياض اختلف في التفث والتفل فقيل هما بمعنى ولا يكونان إلا بريق وقال أبو عبيد يشترط في التفل ريق يسير ولا يكون في التفث وقيل عكسه وسئلت عائشة عن التفث في الرقية فقالت كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه قال ولا اعتبار بما يخرج معه من بلة بغير قصد قال وقد جاء في حديث أبي سعيد في الرقية بفاتحة الكتاب فجعل يجمع بزاقه قال عياض وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والتفث للمباشر للرقية المقارن للذكر الحسن كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء وقال النووي أيضا أكثر الروايات في الرؤيا فلينفث وهو نفخ لطيف بلا ريق فيكون التفل والبصق محمولين عليه مجازا قلت لكن المطلوب في الموضعين مختلف لأن المطلوب في الرقية التبرك برطوبة الذكر كما تقدم والمطلوب هنا طرد الشيطان وإظهار احتقاره واستقذاره كما نقله هو عن عياض كما تقدم فالذي يجمع الثلاثة الحمل على التفل فإنه نفخ معه ريق لطيف فبالنظر إلى النفخ قيل له تفث وبالنظر إلى الريق قيل له بصاق قال النووي وأما قوله فانها لا تضره فمعناه ان الله جعل ما ذكر سببا للسلامة من المكروه المترتب على الرؤيا كما جعل الصدقة وقاية للمال انتهى وأما الصلاة فلما فيها من التوجه إلى الله واللجأ إليه ولأن في التحرم بها عصمة من الأسواء وبها تكمل الرغبة وتصح الطلبة لقرب المصلي من ربه عند سجوده وأما التحول فللتفاؤل بتحول تلك الحال التي كان عليها قال النووي وينبغي أن يجمع بين هذه الروايات كلها ويعمل بجميع ما تضمنه فان اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث قلت لم أر في شيء من الأحاديث الاقتصار على واحدة نعم أشار المهلب إلى أن الاستعاذة كافية في دفع شرها وكأنه أخذه من قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فيحتاج مع الاستعاذة إلى صحة التوجه ولا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان وقال القرطبي في المفهم الصلاة تجمع ذلك كله لأنه إذا قام فصلى تحول عن جنبه وبصق ونفث عند المضمضة في الوضوء واستعاذ قبل القراءة ثم دعا الله في أقرب الأحوال إليه فيكفيه الله شرها بمنه وكرمه وورد في صفة التعوذ من شر الرؤيا أثر صحيح أخرجه سعيد بن منصور وبن أبي شيبة وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة عن إبراهيم النخعي قال إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر رؤياي هذه أن يصيبني فيها ما أكره في ديني ودنياي وورد في الاستعاذة من التهويل في المنام ما أخرجه مالك قال بلغني أن خالد بن الوليد قال يا رسول الله إني أروع في المنام فقال قل أعوذ بكلمات الله التامات من شر غضبه وعذابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون