وإلا فالهبة لا تتم إلا بالقبض وإذا قبض كان بالخيار في التصرف فيها ولا يتهيأ للواهب الرجوع فيها بعد التصرف فلا بد من المواطأة بأن لا يتصرف فيها ليتم الحيلة قوله ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحد منهما فخالف الرسول صلى الله عليه وسلّم في الهبة وأسقط الزكاة قال بن بطال إذا قبض الموهوب له هبة فهو مالك لها فإذا حال عليها الحول عنده وجبت عليه الزكاة فيها عند الجميع وأما الرجوع فلا يكون عند الجمهور إلا فيما يوهب للولد فان رجع فيها الأب بعد الحول وجبت فيها الزكاة على الابن قلت فان رجع فيها قبل الحول صح الرجوع ويستأنف الحول فان كان فعل ذلك ليريد إسقاط الزكاة سقطت وهو آثم مع ذلك وعلى طريقة من يبطل الحيل مطلقا لا يصح رجوعه لثبوت النهي عن الرجوع في الهبة ولا سيما إذا قارن ذلك التحيل في إسقاط الزكاة وقوله فخالف الرسول صلى الله عليه وسلّم يعني خالف ظاهر حديث الرسول وهو النهي عن العود في الهبة وقال بن التين مراده أن مذهب أبي حنيفة أن من سوى الوالدين يرجع في هبته ولا يرجع الوالد فيما وهب لولده وهو خلاف قوله صلى الله عليه وسلّم لا يحل لرجل أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يرجع في عطيته كالكلب يعود في قيئه قلت فعلى هذا انما أخرج البخاري حديث بن عباس للإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث وهو مخرج عند أبي داود عن بن عباس من وجه آخر كما تقدم بيانه في كتاب الهبة وذهب الجمهور ومنهم الشافعي إلى ان الزكاة تجب على المتهب مدة مكث المال عنده ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث الحديث الأول .
6574 - قوله سفيان هو الثوري وقد تقدم شرح حديث بن عباس في كتاب الهبة الحديث الثاني حديث جابر في الشفعة وقد تقدم شرحه في كتاب الشفعة وظاهره أنه لا شفعة للجار لأنه نفي الشفعة في كل مقسوم كما تقدم تقريره .
6575 - قوله وقال بعض الناس الشفعة للجوار بكسر الجيم من المجاورة أي تشرع الشفعة للجار كما تشرع للشريك قوله ثم عمد إلى ما شدده بالشين المعجمة ولبعضهم بالمهملة قوله فأبطله أي حيث قال لا شفعة للجار في هذه الصورة وقال ان اشترى دارا أي أراد شراءها كاملة فخاف أن يأخذ الجار بالشفعة فاشترى سهما من مائة سهم ثم اشترى الباقي كان للجار الشفعة في السهم الأول ولا شفعة له في باقي الدار قال بن بطال أصل هذه المسألة أن رجلا أراد شراء دار فخاف أن يأخذها جاره بالشفعة فسأل أبا حنيفة كيف الحيلة في إسقاط الشفعة فقال له اشتر منها سهما واحدا شائعا من مائة سهم فتصير شريكا لمالكها ثم اشتر منه الباقي فتصير أنت أحق بالشفعة من الجار لأن الشريك في المشاع أحق من الجار وانما أمره بأن يشتري سهما من مائة سهم لعدم رغبة الجار في شراء السهم الواحد لحقارته وقلة انتفاعه به قال وهذا ليس فيه شيء من خلاف السنة وانما أراد البخاري الزامهم التناقض لأنهم احتجوا في شفعة الجار بحديث الجار أحق بسقبه ثم تحيلوا في اسقاطها بما يقتضي أن يكون غير الجار أحق بالشفعة من الجار انتهى والمعروف عند الحنفية أن الحيلة المذكورة لأبي يوسف وأما محمد بن الحسن فقال يكره ذلك أشد الكراهية لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر عن الشفيع فالذي يحتال لإسقاطها بمنزلة القاصد إلى الإضرار بالغير وذلك مكروه ولا سيما إن كان بين المشتري وبين الشفيع عداوة ويتضرر من مشاركته ثم إن محل هذا انما هو فيمن احتال قبل وجوب الشفعة أما بعده كمن قال للشفيع خذ هذا المال ولا تطالبني بالشفعة فرضي وأخذ فان شفعته تبطل اتفاقا انتهى الحديث الثالث .
6576 - قوله سفيان هو بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة في رواية الحميدي عن سفيان حدثنا إبراهيم قوله جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي في رواية