الصلاة لا يقتل بتركها لكونه ليس من الأمور الثلاثة وبذلك استدل شيخ والدي الحافظ أبو الحسن بن المفضل المقدسي في أبياته المشهورة ثم ساقها ومنها وهو كاف في تحصيل المقصود هنا والرأي عندي أن يعزره الامام بكل تعزير يراه صوابا فالأصل عصمته إلى أن يمتطي إحدى الثلاث إلى الهلاك ركابا قال فهذا من المالكية اختار خلاف مذهبه وكذا استشكله امام الحرمين من الشافعية قلت تارك الصلاة اختلف فيه فذهب أحمد وإسحاق وبعض المالكية ومن الشافعية بن خزيمة وأبو الطيب بن سلمة وأبو عبيد بن جويرية ومنصور الفقيه وأبو جعفر الترمذي إلى أنه يكفر بذلك ولو لم يجحد وجوبها وذهب الجمهور إلى أنه يقتل حدا وذهب الحنفية ووافقهم المزني إلى أنه لا يكفر ولا يقتل ومن أقوى ما يستدل به على عدم كفره حديث عبادة رفعه خمس صلوات كتبهن الله على العباد الحديث وفيه ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه بن حبان وبن السكن وغيرهما وتمسك أحمد ومن وافقه بظواهر أحاديث وردت بتكفيره وحملها من خالفهم على المستحل جمعا بين الأخبار والله أعلم وقال بن دقيق العيد وأراد بعض من أدركنا زمانه أن يزيل الإشكال فاستدل بحديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ووجه الدليل منه أنه وقف العصمة على المجموع والمرتب على أشياء لا تحصل إلا بحصول مجموعها وينتفى بانتفاء بعضها قال وهذا إن قصد الاستدلال بمنطوقه وهو أقاتل الناس الخ فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية فقد ذهل للفرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فان المقاتلة مفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين فلا يلزم من إباحة المقاتلة على الصلاة إباحة قتل الممتنع من فعلها إذا لم يقاتل وليس النزاع في أن قوما لو تركوا الصلاة ونصبوا القتال أنه يجب قتالهم وانما النظر فيما إذا تركها انسان من غير نصب قتال هل يقتل أولا والفرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه ظاهر وان كان أخذه من آخر الحديث وهو ترتب العصمة على فعل ذلك فان مفهومه يدل على أنها لا تترتب على فعل بعضه هان الأمر لأنها دلالة مفهوم ومخالفه في هذه المسألة لا يقول بالمفهوم وأما من يقول به فله أن يدفع حجته بأنه عارضته دلالة المنطوق في حديث الباب وهي أرجح من دلالة المفهوم فيقدم عليها واستدل به بعض الشافعية لقتل تارك الصلاة لأنه تارك للدين الذي هو العمل وانما لم يقولوا بقتل تارك الزكاة لإمكان انتزاعها منه قهرا ولا يقتل تارك الصيام لإمكان منعه المفطرات فيحتاج هو أن ينوي الصيام لأنه يعتقد وجوبه واستدل به على أن الحر لا يقتل بالعبد لأن العبد لا يرجم إذا زنى ولو كان ثيبا حكاه بن التين قال وليس لأحد أن يفرق ما جمعه الله إلا بدليل من كتاب أو سنة قال وهذا بخلاف الخصلة الثالثة فان الإجماع انعقد على أن العبد والحر في الردة سواء فكأنه جعل أن الأصل العمل بدلالة الاقتران ما لم يأت دليل يخالفه وقال شيخنا في شرح الترمذي استثنى بعضهم من الثلاثة قتل الصائل فإنه يجوز قتله للدفع وأشار بذلك إلى قول النووي يخص من عموم الثلاثة الصائل ونحوه فيباح قتله في الدفع وقد يجاب بأنه داخل في المفارق للجماعة أو يكون المراد لا يحل تعمد قتله بمعنى أنه لا يحل قتله إلا مدافعة بخلاف الثلاثة واستحسنه الطيبي وقال هو أولى من تقرير البيضاوي لأنه فسر قوله