على أنه إنما حكم بالناسخ وأما قوله في حديث أبي هريرة فاني أحكم بما في التوراة ففي سنده رجل مبهم ومع ذلك فلو ثبت لكان معناه لإقامة الحجة عليهم وهو موافق لشريعته قلت ويؤيده أن الرجم جاء ناسخا للجلد كما تقدم تقريره ولم يقل أحد إن الرجم شرع ثم نسخ بالجلد ثم نسخ الجلد بالرجم وإذا كان حكم الرجم باقيا منذ شرع فما حكم عليهما بالرجم بمجرد حكم التوراة بل بشرعه الذي استمر حكم التوراة عليه ولم يقدر أنهم بدلوه فيما بدلوا وأما ما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلّم رجمهما أول ما قدم المدينة لقوله في بعض طرق القصة لما قدم النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة أتاه اليهود فالجواب أنه لا يلزم من ذلك الفور ففي بعض طرقه الصحيحه كما تقدم أنهم تحاكموا إليه وهو في المسجد بين أصحابه والمسجد لم يكمل بناؤه الا بعد مدة من دخوله صلى الله عليه وسلّم المدينة فبطل الفور وأيضا ففي حديث عبد الله بن الحارث بن جزء أنه حضر ذلك وعبد الله إنما قدم مع أبيه مسلما بعد فتح مكة وقد تقدم حديث بن عباس وفيه ما يشعر بأنه شاهد ذلك وفيه أن المرأة إذا أقيم عليها الحد تكون قاعدة هكذا استدل به الطحاوي وقد تقدم أنهم اختلفوا في الحفر للمرجومة فمن يرى أنه يحفر لها تكون في الغالب قاعدة في الحفرة واختلافهم في إقامة الحد عليها قاعدة أو قائمة انما هو في الجلد ففي الاستدلال بصورة الجلد على صورة الرجم نظر لا يخفى وفيه قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وزعم بن العربي أن معنى قوله في حديث جابر فدعا بالشهود أي شهود الإسلام على اعترافهما وقوله فرجمهما بشهادة الشهود أي البينة على اعترافهما ورد هذا التأويل بقوله في نفس الحديث انهم رأوا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة وهو صريح في أن الشهادة بالمشاهدة لا بالاعتراف وقال القرطبي الجمهور على أن الكافر لا تقبل شهادته على مسلم ولا على كافر لا في حد ولا في غيره ولا فرق بين السفر والحضر في ذلك وقبل شهادتهم جماعة من التابعين وبعض الفقهاء إذا لم يوجد مسلم واستثنى أحمد حالة السفر إذا لم يوجد مسلم وأجاب القرطبي عن الجمهور عن واقعة اليهود بأنه صلى الله عليه وسلّم نفذ عليهم ما علم أنه حكم التوراة وألزمهم العمل به إظهارا لتحريفهم كتابهم وتغييرهم حكمه أو كان ذلك خاصا بهذه الواقعة كذا قال والثاني مردود وقال النووي الظاهر أنه رجمهما بالاعتراف فان ثبت حديث جابر فلعل الشهود كانوا مسلمين والا فلا عبرة بشهادتهم ويتعين أنهما أقرا بالزنا قلت لم يثبت أنهم كانوا مسلمين ويحتمل أن يكون الشهود أخبروا بذلك لسؤال بقية اليهود لهم فسمع النبي صلى الله عليه وسلّم كلامهم ولم يحكم فيهم الا مستندا لما أطلعه الله تعالى فحكم في ذلك بالوحي والزمهم الحجة بينهم كما قال تعالى وشهد شاهد من أهلها وان شهودهم شهدوا عليهم عند أحبارهم بما ذكر فلما رفعوا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلّم استعلم القصة على وجهها فذكر كل من حضره من الرواة ما حفظه في ذلك ولم يكن مستند حكم النبي صلى الله عليه وسلّم الا ما اطلعه الله عليه واستدل به بعض المالكية على أن المجلود يجلد قائما إن كان رجلا والمراة قاعدة لقول بن عمر رأيت الرجل يقيها الحجارة فدل على أنه كان قائما وهي قاعدة وتعقب بأنه واقعة عين فلا دلالة فيه على أن قيام الرجل كان بطريق الحكم عليه بذلك واستدل به على رجم المحصن وقد تقدم البحث فيه مستوفى وعلى الاقتصار على الرجم ولا يضم إليه الجلد وقد تقدم الخلاف فيه في باب مفرد وكذا احتج به بعضهم ولو احتج به لعكسه لكان أقرب لأنه في حديث البراء عند مسلم أن الزاني جلد أولا ثم رجم كما تقدم لكن يمكن الانفصال بان الجلد الذي وقع له لم يكن بحكم حاكم وفيه أن أنكحة الكفار صحيحة لان ثبوت الاحصان فرع ثبوت صحة النكاح وفيه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وفي أخذه من هذه القصة