توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر صامت لا يتكلم فقص قصة البيعة العامة ويأتي شرحها هناك قوله وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا بصيغة الفعل الماضي قوله من أمر في موضع المفعول أي حضرنا في تلك الحالة أمورا فما وجدنا فيها أقوى من سابقة أبي بكر والأمور التي حضرت حينئذ الاشتغال بالمشاورة واستيعاب من يكون أهلا لذلك وجعل بعض الشراح منها الاشتغال بتجهيز النبي صلى الله عليه وسلّم ودفنه وهو محتمل لكن ليس في سياق القصة اشعار به بل تعليل عمر يرشد إلى الحصر فيما يتعلق بالإستخلاف قوله فاما بايعناهم في رواية الكشميهني بمثناة وبعد الألف موحدة قوله على ما نرضى في رواية مالك على ما لا نرضى وهو الوجه وبقية الكلام ترشد إلى ذلك قوله فمن بايع رجلا في رواية مالك فمن تابع رجلا قوله فلا يتابع هو ولا الذي بايعه في رواية معمر من وجه آخر عن عمر من دعي إلى إمارة من غير مشورة فلا يحل له أن يقبل وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم أخذ العلم عن أهله وإن صغرت سن المأخوذ عنه عن الآخذ وكذا لو نقص قدره عن قدره وفيه التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله ولا يحدث به إلا من يعقله ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله وفيه جواز إخبار السلطان بكلام من يخشى منه وقوع أمر فيه إفساد للجماعة ولا يعد ذلك من النميمة المذمومة لكن محل ذلك أن يبهمه صونا له وجمعا له بين المصلحتين ولعل الواقع في هذه القصة كان كذلك واكتفى عمر بالتحذير من ذلك ولم يعاقب الذي قال ذلك ولا من قيل عنه وبنى المهلب على ما زعم أن المراد مبايعة شخص من الأنصار فقال إن في ذلك مخالفة لقول أبي بكر ان العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش فان المعروف هو الشيء الذي لا يجوز خلافه قلت والذي يظهر من سياق القصة أن إنكار عمر انما هو على من أراد مبايعة شخص على غير مشورة من المسلمين ولم يتعرض لكونه قرشيا أو لا وفيه أن العظيم يحتمل في حقه من الأمور المباحة ما لا يحتمل في حق غيره لقول عمر وليس فيكم من تمد إليه الأعناق مثل أبي بكر أي فلا يلزم من احتمال المبادرة إلى بيعته عن غير تشاور عام أن يباح ذلك لكل أحد من الناس لا يتصف بمثل صفة أبي بكر قال المهلب وفيه أن الخلافة لا تكون إلا في قريش وأدلة ذلك كثيرة ومنها أنه صلى الله عليه وسلّم أوصى من ولي أمر المسلمين بالأنصار وفيه دليل واضح على أن لا حق لهم في الخلافة كذا قال وفيه نظر سيأتي بيانه عند شرح باب الأمراء من قريش من كتاب الاحكام وفيه أن المرأة إذا وجدت حاملا ولا زوج لها ولا سيد وجب عليها الحد إلا أن تقيم بينة على الحمل أو الاستكراه وقال بن العربي إقامة الحمل عليه إذا ظهر ولد لم يسبقه سبب جائز يعلم قطعا أنه من حرام ويسمى قياس الدلالة كالدخان على النار ويعكر عليه احتمال أن يكون الوطء من شبهة وقال بن القاسم إن ادعت الاستكراه وكانت غريبة فلا حد عليها وقال الشافعي والكوفيون لا حد عليها إلا ببينة أو إقرار وحجة مالك قول عمر في خطبته ولم ينكرها أحد وكذا لو قامت القرينة على الإكراه أو الخطأ قال المازري في تصديق المرأة الخلية إذا ظهر بها حمل فادعت الإكراه خلاف هل يكون ذلك شبهة أم يجب عليها الحد لحديث عمر قال بن عبد البر قد جاء عن عمر في عدة قضايا أنه درأ الحد بدعوى الإكراه ونحوه ثم ساق من طريق شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال إنا لمع عمر بمنى فإذا بامرأة حبلى ضخمة تبكي فسألها فقالت اني ثقيلة الرأس فقمت بالليل أصلي ثم نمت فما استيقظت إلا ورجل قد ركبني ومضى فما أدري من هو قال فدرأ عنها الحد وجمع بعضهم بأن من عرف منها مخايل الصدق في دعوى الإكراه قبل منها وأما