وما وقع عند مسلم في قصة الغامدية حيث قالت لما جاءت طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري قالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعزا إنها حبلى من الزنا فلم يؤخر إقامة الحد عليها إلا لكونها حبلى فلما وضعت أمر برجمها ولم يستفسرها مرة أخرى ولا اعتبر تكرير اقرارها ولا تعدد المجالس وكذا وقع في قصة العسيف حيث قال واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها وفيه فغدا عليها فاعترفت فرجمها ولم يذكر تعدد الاعتراف ولا المجالس وسيأتي قريبا مع شرحه مستوفى وأجابوا عن القياس المذكور بأن القتل لا يقبل فيه إلا شاهدان بخلاف سائر الأموال فيقبل فيها شاهد وامرأتان فكان قياس ذلك أن يشترط الإقرار بالقتل مرتين وقد اتفقوا أنه يكفي فيه مرة فان قلت والاستدلال بمجرد عدم الذكر في قصة العسيف وغيره فيه نظر فان عدم الذكر لا يدل على عدم الوقوع فإذا ثبت كون العدد شرطا فالسكوت عن ذكره يحتمل أن يكون لعلم المأمور به وأما قول الغامدية تريد أن ترددني كما رددت ماعزا فيمكن التمسك به لكن أجاب الطيبي بأن قولها إنها حبلى من الزنا فيه إشارة إلى أن حالها مغايرة لحال ماعز لأنهما وان اشتركا في الزنا لكن العلة غير جامعة لأن ماعزا كان متمكنا من الرجوع عن اقراره بخلافها فكأنها قالت أنا غير متمكنة من الإنكار بعد الإقرار لظهور الحمل بها بخلافه وتعقب بأنه كان يمكنها أن تدعى إكراها أو خطأ أو شبهة وفيه أن الامام لا يشترط أن يبدأ بالرجم فيمن أقر وإن كان ذلك مستحبا لأن الامام إذا بدأ مع كونه مأمورا بالتثبت والاحتياط فيه كان ذلك أدعى إلى الزجر عن التساهل في الحكم والى الحض على التثبت في الحكم ولهذا يبدأ الشهود إذا ثبت الرجم بالبينة وفيه جواز تفويض الامام إقامة الحد لغيره واستدل به على أنه لا يشترط الحفر للمرجوم لأنه لم يذكر في حديث الباب بل وقع التصريح في حديث أبي سعيد عند مسلم فقال فما حفرنا له ولا أوثقناه ولكن وقع في حديث بريدة عنده فحفر له حفيرة ويمكن الجمع بأن المنفي حفيرة لا يمكنه الوثوب منها والمثبت عكسه أو أنهم في أول الأمر لم يحفروا له ثم لما فر فأدركوه حفروا له حفيرة فانتصب لهم فيها حتى فرغوا منه وعند الشافعية لا يحفر للرجل وفي وجه يتخير الامام وهو أرجح لثبوته في قصة ماعز فالمثبت مقدم على النافي وقد جمع بينهما بما دل على وجود حفر في الجملة وفي المرأة أوجه ثالثها الأصح ان ثبت زناها بالبينة استحب لا بالإقرار وعن الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم لا يحفر وقال أبو يوسف وأبو ثور يحفر للرجل وللمرأة وفيه جواز تلقين المقر بما يوجب الحد ما يدفع به عنه الحد وأن الحد لا يجب إلا بالإقرار الصريح ومن ثم شرط على من شهد بالزنا أن يقول رأيته ولج ذكره في فرجها أو ما أشبه ذلك ولا يكفي أن يقول أشهد أنه زنا وثبت عن جماعة من الصحابة تلقين المقر بالحد كما أخرجه مالك عن عمرو بن أبي شيبة عن أبي الدرداء وعن علي في قصة شراحة ومنهم من خص التلقين بمن يظن به أنه يجهل حكم الزنا وهو قول أبي ثور وعند المالكية يستثنى تلقين المشتهر بانتهاك الحرمات ويجوز تلقين من عداه وليس ذلك بشرط وفيه ترك سجن من اعتراف بالزنا في مدة الاستثبات وفي الحامل حتى تضع وقيل ان المدينة لم يكن بها حينئذ سجن وانما كان يسلم كل جان لوليه وقال بن العربي انما لم يأمر بسجنه ولا التوكيل به لأن رجوعه مقبول فلا فائدة في ذلك مع جواز الاعراض عنه إذا رجع ويؤخذ من قوله هل أحصنت وجوب الاستفسار عن الحال التي تختلف الاحكام باختلافها وفيه أن إقرار السكران لا أثر له يؤخذ من قوله استنكهوه والذين اعتبروه وقالوا إن عقله زال بمعصيته ولا دلالة