وقد فر من هذا بعض من قال بذلك فخص القطع بمن استعار على لسان غيره مخادعا للمستعار منه ثم تصرف في العارية وأنكرها لما طولب بها فان هذا لا يقطع بمجرد الخيانة بل لمشاركته السارق في أخذ المال خفية تنبيه قول سفيان المتقدم ذهبت أسأل الزهري عن حديث المخزومية التي سرقت فصاح علي مما يكثر السؤال عنه وعن سببه وقد أوضح ذلك بعض الرواة عن سفيان فرأينا في كتاب المحدث الفاضل لأبي محمد الرامهرمزي من طريق سليمان بن عبد العزيز أخبرني محمد بن إدريس قال قلت لسفيان بن عيينة كم سمعت من الزهري قال أما مع الناس فما أحصي وأما وحدي فحديث واحد دخلت يوما من باب بني شيبة فإذا أنابه جالس إلى عمود فقلت يا أبا بكر حدثني حديث المخزومية التي قطع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدها قال فضرب وجهي بالحصى ثم قال قم فما يزال عبد يقدم علينا بما نكره قال فقمت منكسرا فمر رجل فدعاه فلم يسمع فرماه بالحصى فلم يبلغه فاضطر الي فقال ادعه لي فدعوته له فاتاه فقضى حاجته فنظر الي فقال تعال فجئت فقال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال العجماء جبار الحديث ثم قال لي هذا خير لك من الذي أردت قلت وهذا الحديث الأخير أخرجه مسلم والأربعة من طريق سفيان بدون القصة قوله فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي يشفع عنده فيها أن لا تقطع إما عفوا وأما بفداء وقد وقع ما يدل على الثاني في حديث مسعود بن الأسود ولفظه بعد قوله أعظمنا ذلك فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقلنا نحن نفديها بأربعين أوقية فقال تطهر خير لها وكأنهم ظنوا أن الحد يسقط بالفدية كما ظن ذلك من أفتى والد العسيف الذي زنى بأنه يفتدي منه بمائة شاة ووليدة ووجدت لحديث مسعود هذا شاهدا عند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال قومها نحن نفديها قوله من يجترئ عليه بسكون الجيم وكسر الراء يفتعل من الجرأة بضم الجيم وسكون الراء وفتح الهمزة ويجوز فتح الجيم والراء مع المد ووقع في رواية قتيبة فقالوا ومن يجترئ عليه وهو أوضح لأن الذي استفهم بقوله من يكلم غير الذي أجاب بقوله ومن يجترئ والجرأة هي الاقدام بادلال والمعنى ما يجترئ عليه إلا أسامة وقال الطيبي الواو عاطفة على محذوف تقديره لا يجترئ عليه أحد لمهابته لكن أسامة له عليه إدلال فهو يجسر على ذلك ووقع في حديث مسعود بن الأسود بعد قوله تطهر خير لها فلما سمعنا لين قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتينا أسامة ووقع في رواية يونس الماضية في الفتح ففزع قومها إلى أسامة أي لجؤا وفي رواية أيوب بن موسى في الشهادات فلم يجترئ أحد أن يكلمه إلا أسامة وكان السبب في اختصاص أسامة بذلك ما أخرجه بن سعد من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لأسامة لا تشفع في حد وكان إذا شفع شفعه بتشديد الفاه أي قبل شفاعته وكذا وقع في مرسل حبيب بن أبي ثابت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يشفعه قوله حب رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكسر المهملة بمعنى محبوب مثل قسم بمعنى مقسوم وفي ذلك تلميح بقول النبي صلى الله عليه وسلّم اللهم إني أحبه فأحبه وقد تقدم في المناقب قوله فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالنصب وفي رواية قتيبة فكلمه أسامة وفي الكلام شيء مطوي تقديره فجاؤوا إلى أسامة فكلموه في ذلك فجاء أسامة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فكلمه ووقع في رواية يونس فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكلمه فيها فأفادت هذه الرواية أن الشافع يشفع بحضرة المشفوع له ليكون أعذر له عنده إذا لم تقبل شفاعته وعند النسائي من رواية إسماعيل بن أمية فكلمه فزبره بفتح الزاي والموحدة أي