وكذلك أخرجه أبو داود عن هارون بن عبد الله عن أبي أسامة وقد تقدم في تفسير النساء عدة طرق لذلك مع إعراب الآية والكلام على حكم المعاقدة المذكورة ونسخها بما يغني عن إعادته والمراد بإيراد الحديث هنا أن قوله تعالى ولكل جعلنا موالي نسخ حكم الميراث الذي دل عليه والذين عاقدت أيمانكم قال بن بطال أكثر المفسرين على أن الناسخ لقوله تعالى والذين عاقدت أيمانكم قوله تعالى في الأنفال وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض وبذلك جزم أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ قلت كذا أخرجه أبو داود بسند حسن عن بن عباس قال بن الجوزي كان جماعة من المحدثين يروون الحديث من حفظهم فتقصر عباراتهم خصوصا العجم فلا يبين للكلام رونق مثل هذه الألفاظ في هذا الحديث وبيان ذلك أن مراد الحديث المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان آخى بين المهاجرين والأنصار فكانوا يتوارثون بتلك الإخوة ويرونها داخلة في قوله تعالى والذين عاقدت أيمانكم فلما نزل قوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله نسخ الميراث بين المتعاقدين وبقي النصر والرفادة وجواز الوصية لهم وقد وقع في رواية العوفي عن بن عباس بيان السبب في إرثهم قال كان الرجل في الجاهلية يلحق به الرجل فيكون تابعه فإذا مات الرجل صار لأقاربه الميراث وبقى تابعه ليس له شيء فنزلت والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم فكانوا يعطونه من ميراثه ثم نزلت وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فنسخ ذلك قلت والعوفي ضعيف والذي في البخاري هو الصحيح المعتمد وتصحيح السياق قد ظهر في نفس الرواية وأن بعض الرواة قدم بعض الألفاظ على بعض وحذف منها شيئا وأن بعضهم ساقها على الاستقامة وذلك هو المعتمد قال بن بطال اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام وهم من لاسهم له وليس بعصبة فذهب أهل الحجاز والشام إلى منعهم الميراث وذهب الكوفيون وأحمد وإسحاق إلى توريثهم واحتجوا بقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض واحتج الآخرون بأن المراد بها من له سهم في كتاب الله لأن آية الانفال مجملة وآية المواريث مفسرة وبقوله صلى الله عليه وسلّم من ترك مالا فلعصبته وأنهم أجمعوا على ترك القول بظاهرها فجعلوا ما يخلفه المعتوق إرثا لعصبته دون مواليه فان فقدوا فلمواليه دون ذوي رحمه واختلفوا في توريثهم فقال أبو عبيد رأي أهل العراق رد مابقى من ذوي الفروض إذا لم تكن عصبة على ذوي الفروض وإلا فعليهم وعلى العصبة فان فقدوا أعطوا ذوي الأرحام وكان بن مسعود ينزل كل ذي رحم منزلة من يجر إليه وأخرج بسند صحيح عن بن مسعود أنه جعل العمة كالأب والخالة كالأم فقسم المال بينهما أثلاثا وعن علي أنه كان لا يرد على البنت دون الأم ومن أدلتهم حديث الخال وارث من لا وارث له وهو حديث حسن أخرجه الترمذي وغيره وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يراد به إذا كان عصبة ويحتمل أن يريد بالحديث المذكور السلب كقولهم الصبر حيلة من لا حيلة له ويحتمل أن يكون المراد به السلطان لأنه خال المسلمين حكى هذه الاحتمالات بن العربي