للإسماعيلي من طريق معاذ عن شعبة والاختلاف فيه على شعبة وقد أخرجه الدارمي من طريق أخرى عن عبد الله بن الزبير بلفظ من حدث عني كذبا ولم يذكر العمد وفي تمسك الزبير بهذا الحديث على ما ذهب إليه من اختيار قلة التحديث دليل للاصح في أن الكذب هو الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدا أم خطا والمخطئ وأن كان غير مأثوم بالإجماع لكن الزبير خشي من الإكثار أن يقع في الخطا وهو لا يشعر لأنه وأن لم ياثم بالخطا لكن قد ياثم بالإكثار إذ الإكثار مظنه الخطا والثقه إذا حدث بالخطا فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطا يعمل به على الدوام للوثوق بنقله فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطا لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث وأما من أكثر منهم فمحمول على إنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت أو طالت أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان Bهم قوله فليتبوأ أي فليتخذ لنفسه منزلا يقال تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه سكنا وهو أمر بمعنى الخبر أيضا أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوأه الله ذلك وقال الكرماني يحتمل أن يكون الأمر على حقيقته والمعنى من كذب فليامر نفسه بالتبوء ويلزم عليه كذا قال واولها اولاها فقد رواه أحمد بإسناد صحيح عن بن عمر بلفظ بني له بيت في النار قال الطيبي فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه أي كما أنه قصد في الكذب التعمد فليقصد بجزائه التبوء .
108 - قوله حدثنا أبو معمر هو البصري المقعد وعبد الوارث هو بن سعيد وعبد العزيز هو بن صهيب والإسناد كله بصريون قوله حديثا المراد به جنس الحديث ولهذا وصفه بالكثرة قوله ان النبي صلى الله عليه وسلّم هو وما بعده في محل الرفع لأنه فاعل يمنعني وإنما خشي أنس مما خشي منه الزبير ولهذا صرح بلفظ الإكثار لأنه مظنة ومن حام حول الحمى لا يا من وقوعه فيه فكان التقليل منهم للاحتراز ومع ذلك فأنس من المكثرين لأنه تأخرت وفاته فاحتيج إليه كما قدمناه ولم يمكنه الكتمان ويجمع بأنه لو حدث بجميع ما عنده لكان أضعاف ما حدث به ووقع في رواية عتاب بمهملة ومثناة فوقانية مولى هرمز سمعت أنسا يقول لولا إني أخشى أن أخطئ لحدثتك بأشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحديث أخرجه أحمد بإسناده فأشار إلى أنه لا يحدث الا ما تحققه ويترك ما يشك فيه وحمله بعضهم على أنه كان يحافظ على الرواية باللفظ فأشار إلى ذلك بقوله لولا أن أخطئ وفيه نظر والمعروف عن أنس جواز الرواية بالمعنى كما أخرجه الخطيب عنه صريحا وقد وجد في رواياته ذلك كالحديث في البسملة وفي قصة تكثير الماء عند الوضوء وفي قصة تكثير الطعام قوله كذبا هو نكرة في سياق الشرط فيعم جميع أنواع الكذب .
109 - قوله حدثنا المكي هو اسم وليس بنسب كما تقدم وهو من كبار شيوخ البخاري سمع من سبعة عشر