عموما قبل خلق السماوات والأرض بخمسين الف سنة وقال المازري الأظهر ان المراد انه كتبه قبل خلق آدم بأربعين عاما ويحتمل ان يكون المراد اظهره للملائكة أو فعل فعلا ما أضاف إليه هذا التاريخ والا فمشيئة الله وتقديره قديم والأشبه انه أراد بقوله قدره الله علي قبل ان اخلق أي كتبه في التوراة لقوله في الرواية المشار إليها قبل فكم وجدته كتب في التوراة قبل ان اخلق وقال النووي المراد بتقديرها كتبه في اللوح المحفوظ أو في التوراة أو في الالواح ولا يجوز ان يراد أصل القدر لأنه ازلي ولم يزل الله سبحانه وتعالى مريدا لما يقع من خلقه وكان بعض شيوخنا يزعم ان المراد إظهار ذلك عند تصوير ادم طينا فإن ادم أقام في طينته أربعين سنة والمراد على هذا بخلقه نفخ الروح فيه قلت وقد يعكر على هذا رواية الأعمش عن أبي صالح كتبه الله علي قبل ان يخلق السماوات والأرض لكنه يحمل قوله فيه كتبه الله علي قدره أو على تعدد الكتابة لتعدد المكتوب والعلم عند الله تعالى قوله فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا كذا في هذه الطرق ولم يكرر في أكثر الطرق عن أبي هريرة ففي رواية أيوب بن النجار كالذي هنا لكن بدون قوله ثلاثا وكذا لمسلم من رواية بن سيرين كذا في حديث جندب عند أبي عوانة وثبت في حديث عمر بلفظ فاحتجا إلى الله فحج ادم موسى قالها ثلاث مرات وفي رواية عمرو بن أبي عمرو عن الأعرج لقد حج ادم موسى لقد حج ادم موسى لقد حج آدم موسى وفي حديث أبي سعيد عند الحارث فحج آدم موسى ثلاثا وفي رواية الشعبي عند النسائي فخصم ادم موسى فخصم ادم موسى واتفق الرواة والنقلة والشراح على ان ادم بالرفع وهو الفاعل وشذ بعض الناس فقرأه بالنصب على انه المفعول وموسى في محل الرفع على انه الفاعل نقله الحافظ أبو بكر بن الخاصية عن مسعود بن ناصر السجزي الحافظ قال سمعته يقرأ فحج آدم بالنصب قال وكان قدريا قلت هو محجوج بالاتفاق قبله على أن ادم بالرفع على انه الفاعل وقد أخرجه احمد من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ فحجة آدم وهذا يرفع الاشكال فإن رواته أئمة حفاظ والزهري من كبار الفقهاء الحفاظ فروايته هي المعتمدة في ذلك ومعنى حجة غلبه بالحجة يقال حاججت فلانا فحججته مثل خاصمته فخصمته قال بن عبد البر هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق في اثبات القدر وان الله قضى أعمال العباد فكل أحد يصير لما قدر له بما سبق في علم الله قال وليس فيه حجة للجبرية وان كان في بادئ الرأي يساعدهم وقال الخطابي في معالم السنن يحسب كثير من الناس ان معنى القضاء والقدر يستلزم الجبر وقهر العبد ويتوهم ان غلبة ادم كانت من هذا الوجه وليس كذلك وانما معناه الاخبار عن اثبات علم الله بما يكون من افعال العباد وصدورها عن تقدير سابق منه فإن القدر اسم لما صدر عن فعل القادر وإذا كان كذلك فقد نفى عنهم من وراء علم الله افعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور عن قصد وتعمد واختيار فالحجة انما نلزمهم بها واللأئمة انما تتوجه عليها وجماع القول في ذلك انهما امران لا يبدل أحدهما عن الاخر أحدهما بمنزلة الاساس والاخر بمنزلة البناء ونقضه وانما جهة حجة ادم ان الله علم منه انه يتناول من الشجرة فكيف يمكنه ان يرد علم الله فيه وانما خلق للأرض وانه لا يترك في الجنة بل ينقل منها إلى الأرض فكان تناوله من الشجرة سببا لإهباطه واستخلافه في الأرض كما قال تعالى قبل خلقه اني جاعل في الأرض خليفة قال فلما لامه موسى عن نفسه قال له اتلومني على أمر قدره الله علي فاللوم عليه من قبلك ساقط عني إذ ليس لأحد ان يعير أحدا بذنب كان منه لأن الخلق كلهم تحت العبودية