التي يعرفونها وأجاب النووي بأنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة وحاصله انه يشير إلى انه أخبر اولا بالمسافة اليسيرة ثم اعلم بالمسافة الطويلة فأخبره بها كأن الله تفضل عليه باتساعه شيئا بعد شيء فيكون الاعتماد على ما يدل على اطولها مسافة وتقدم قول من جمع الاختلاف بتفاوت الطول والعرض ورده بما في حديث عبد الله بن عمرو زواياه سواء ووقع أيضا في حديث النواس بن سمعان وجابر وأبي برزة وأبي ذر طوله وعرضه سواء وجمع غيره بين الاختلافين الأولين باختلاف السير البطيء وهو سير الاثقال والسير السريع وهو سير الراكب المخف ويحمل رواية اقلها وهو الثلاث على سير البريد فقد عهد منهم من قطع مسافة الشهر في ثلاثة أيام ولو كان نادرا جدا وفي هذا الجواب عن المسافة الأخيرة نظر وهو فيما قبله مسلم وهو أولى ما يجمع به وأما مسافة الثلاث فإن الحافظ ضياء الدين المقدسي ذكر في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطا وذلك الإختصار وقع في سياقه من بعض رواته ثم ساقه من حديث أبي هريرة وأخرجه من فوائد عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي بسند حسن إلى أبي هريرة مرفوعا في ذكر الحوض فقال فيه عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح قال الضياء فظهر بهذا انه وقع في حديث بن عمر حذف تقديره كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح فسقط مقامي وبين وقال الحافظ صلاح الدين العلائي بعد ان حكى قول بن الأثير في النهاية هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام ثم غلطه في ذلك وقال ليس كما قال بل بينهما غلوة سهم وهما معروفتان بين القدس والكرك قال وقد ثبت القدر المحذوف عند الدارقطني وغيره بلفظ ما بين المدينة وجرباء وأذرح قلت وهذا يوافق رواية أبي سعيد عند بن ماجة كما بين الكعبة وبيت المقدس وقد وقع ذكر جرباء وأذرح في حديث اخر عند مسلم وفيه وافى أهل جرباء وأذرح بحرسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذكره في غزوة تبوك وهو يؤيد قول العلائي انهما متقاربتان وإذا تقرر ذلك رجع جميع المختلف إلى انه لاختلاف السير البطيء والسير السريع وسأحكي كلام بن التين في تقدير المسافة بين جرباء وأذرح في شرح الحديث السادس عشر والله أعلم قوله ماؤه أبيض من اللبن قال المازري مقتضى كلام النحاة ان يقال أشد بياضا ولا يقال أبيض من كذا ومنهم من إجازة في الشعر ومنهم من إجازة بقلة ويشهد له هذا الحديث وغيره قلت ويحتمل ان يكون ذلك من تصرف الرواة فقد وقع في رواية أبي ذر عند مسلم بلفظ أشد بياضا من اللبن وكذا لابن مسعود عند احمد وكذا لأبي امامة عند بن أبي عاصم قوله وريحه اطيب من المسك في حديث بن عمر عند الترمذي اطيب ريحا من المسك ومثله في حديث أبي امامة عند بن حبان رائحة وزاد بن أبي عاصم وبن أبي الدنيا في حديث بريدة وألين من الزبد وزاد مسلم من حديث أبي ذر وثوبان وأحلى من العسل ومثله لأحمد عن أبي بن كعب وله عن أبي امامة وأحلى مذاقا من العسل وزاد احمد في حديث بن عمر ومن حديث بن مسعود وأبرد من الثلج وكذا في حديث أبي برزة وعند البزار من رواية عدي بن ثابت عن أنس ولأبي يعلى من وجه اخر عن أنس وعند الترمذي في حديث بن عمر وماؤه أشد بردا من الثلج قوله وكيزانه كنجوم السماء في حديث أنس الذي بعده وفيه من الأباريق كعدة نجوم السماء ولأحمد من رواية الحسن عن أنس أكثر من عدد نجوم السماء وفي حديث المستورد في أواخر الباب فيه الآنية مثل الكواكب ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن