( قوله باب في الحوض ) .
أي حوض النبي صلى الله عليه وسلّم وجمع الحوض حياض وأحواض وهو مجمع الماء وايراد البخاري لاحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة وبعد نصب الصراط إشارة منه إلى ان الورود على الحوض يكون بعد نصب الصراط والمرور عليه وقد اخرج احمد والترمذي من حديث النضر بن أنس عن أنس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم ان يشفع لي فقال انا فاعل فقلت أين اطلبك قال اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قلت فإن لم ألقك قال انا عند الميزان قلت فإن لم ألقك قال انا عند الحوض وقد استشكل كون الحوض بعد الصراط بما سيأتي في بعض أحاديث هذا الباب ان جماعة يدفعون عن الحوض بعد ان يكادوا يردون ويذهب بهم إلى النار ووجه الاشكال ان الذي يمر على الصراط إلى ان يصل إلى الحوض يكون قد نجا من النار فكيف يرد إليها ويمكن ان يحمل على انهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون النار فيدفعون إلى النار قبل ان يخلصوا من بقية الصراط وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكرة ذهب صاحب القوت وغيره إلى ان الحوض يكون بعد الصراط وذهب اخرون إلى العكس والصحيح ان للنبي صلى الله عليه وسلّم حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط والاخر داخل الجنة وكل منهما يسمى كوثرا قلت وفيه نظر لأن الكوثر نهر داخل الجنة كما تقدم ويأتي وماؤه يصب في الحوض ويطلق على الحوض كوثر لكونه يمد منه فغاية ما يؤخذ من كلام القرطبي ان الحوض يكون قبل الصراط فإن الناس يردون الموقف عطاشى فيرد المؤمنون الحوض وتتساقط الكفار في النار بعد ان يقولوا ربنا عطشنا فترفع لهم جهنم كأنها سراب فيقال الا تردون فيظنونها ماء فيتساقطون فيها وقد اخرج مسلم من حديث أبي ذر ان الحوض يشخب فيه ميزابان من الجنة وله شاهد من حديث ثوبان وهو حجة على القرطبي لا له لأنه قد تقدم ان الصراط جسر جهنم وأنه بين الموقف والجنة وأن المؤمنين يمرون عليه لدخول الجنة فلو كان الحوض دونه لحالت النار بينه وبين الماء الذي يصب من الكوثر في الحوض وظاهر الحديث ان الحوض بجانب الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها وفي حديث بن مسعود عند احمد ويفتح نهر الكوثر إلى الحوض وقد قال القاضي عياض ظاهر قوله صلى الله عليه وسلّم في حديث الحوض من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا يدل على أن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار لأن ظاهر حال من لا يظمأ ان لا يعذب بالنار ولكن يحتمل ان من قدر عليه التعذيب منهم ان لا يعذب فيها بالظمأ بل بغيره قلت ويدفع هذا الاحتمال انه وقع في حديث أبي بن كعب عند بن أبي عاصم في ذكر الحوض ومن لم يشرب منه لم يرو ابدا وعند عبد الله بن احمد في زيادات المسند في الحديث الطويل عن لقيط بن عامر انه وفد على رسول