هو خير فعمل هذا العبد على وفق هذا الخبر والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة قال بن أبي جمرة C تعالى في هذا الحديث من الفوائد جواز مخاطبة الشخص بما لا تدرك حقيقته وجواز التعبير عن ذلك بما يفهمه وان الأمور التي في الآخرة لا تشبه بما في الدنيا الا في الأسماء والأصل مع المبالغة في تفاوت الصفة والاستدلال على العلم الضروري بالنظري وان الكلام إذا كان محتملا لأمرين يأتي المتكلم بشيء يتخصص به مراده عند السامع وان التكليف لا ينقطع الا بالاستقرار في الجنة أو النار وان امتثال الأمر في الموقف يقع بالاضطرار وفيه فضيلة الإيمان لأنه لما تلبس به المنافق ظاهرا بقيت عليه حرمته إلى ان وقع التمييز بإطفاء النور وغير ذلك وان الصراط مع دقته وحدته يسع جميع المخلوقين منذ ادم إلى قيام الساعة وفيه ان النار مع عظمها وشدتها لا تتجاوز الحد الذي أمرت بإحراقه والادمي مع حقارة جرمه يقدم على المخالفة ففيه معنى شديد من التوبيخ وهو كقوله تعالى في وصف الملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وفيه إشارة إلى توبيخ الطغاة والعصاة وفيه فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة ولو لم يكن الداعي أهلا لذلك في ظاهر الحكم لكن فضل الكريم واسع وفي قوله في اخره في بعض طرقه ما اغدرك إشارة إلى ان الشخص لا يوصف بالفعل الذميم الا بعد ان يتكرر ذلك منه وفيه إطلاق اليوم على جزء منه لأن يوم القيامة في الأصل يوم واحد وقد اطلق اسم اليوم على كثير من اجزائه وفيه جواز سؤال الشفاعة خلافا لمن منع محتجا بأنها لا تكون الا لمذنب قال عياض وفات هذا القائل انها قد تقع في دخول الجنة بغير حساب وغير ذلك كما تقدم بيانه مع ان كل عاقل معترف بالتقصير فيحتاج إلى طلب العفو عن تقصيره وكذا كل عامل يخشى ان لا يقبل عمله فيحتاج إلى الشفاعة في قبوله قال ويلزم هذا القائل ان لا يدعو بالمغفرة ولا بالرحمة وهو خلاف ما درج عليه السلف في ادعيتهم وفي الحديث أيضا تكليف ما لا يطاق لأن المنافقين يؤمرون بالسجود وقد منعوا منه كذا قيل وفيه نظر لأن الأمر حينئذ للتعجيز والتبكيت وفيه اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة قال الطيبي وقول من اثبت الرؤية ووكل علم حقيقتها إلى الله فهو الحق وكذا قول من فسر الإتيان بالتجلي هو الحق لأن ذلك قد تقدمه قوله هل تضارون في رؤية الشمس والقمر وزيد في تقرير ذلك وتأكيده وكل ذلك يدفع المجاز عنه والله اعلم واستدل به بعض السالمية ونحوهم على ان المنافقين وبعض أهل الكتاب يرون الله مع المؤمنين وهو غلط لأن في سياق حديث أبي سعيد ان المؤمنين يرونه سبحانه وتعالى بعد رفع رؤوسهم من السجود وحينئذ يقولون أنت ربنا ولا يقع ذلك للمنافقين ومن ذكر معهم واما الرؤية التي اشترك فيها الجميع قبل فقد تقدم انه صورة الملك وغيره قلت ولا مدخل أيضا لبعض أهل الكتاب في ذلك لأن في بقية الحديث انهم يخرجون من المؤمنين ومن معهم ممن يظهر الإيمان ويقال لهم ما كنتم تعبدون وانهم يتساقطون في النار وكل ذلك قبل الأمر بالسجود وفيه ان جماعة من مذنبي هذه الأمة يعذبون بالنار ثم يخرجون بالشفاعة والرحمة خلافا لمن نفى ذلك عن هذه الأمة وتأول ما ورد بضروب متكلفة والنصوص الصريحة متضافرة متظاهرة بثبوت ذلك وان تعذيب الموحدين بخلاف تعذيب الكفار لاختلاف مراتبهم من اخذ النار بعضهم إلى ساقه وانها لا تأكل اثر السجود وانهم يموتون فيكون عذابهم احراقهم وحبسهم عن دخول الجنة سريعا كالمسجونين بخلاف الكفار الذين لا يموتون أصلا ليذوقوا العذاب ولا يحيون حياة يستريحون بها على ان بعض أهل العلم أول ما وقع في حديث أبي سعيد من قوله