قلت الأول منصوص والثاني محتمل لكن يشكل عليه أن الصورة لا تختص بالمؤمنين فلو كان الاكرام لأجلها لشاركهم الكفار وليس كذلك قال النووي وظاهر الحديث أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان وبهذا جزم بعض العلماء وقال عياض ذكر الصورة ودارات الوجوه يدل على ان المراد بأثر السجود الوجه خاصة خلافا لمن قال يشمل الأعضاء السبعة ويؤيد اختصاص الوجه ان في بقية الحديث ان منهم من غاب في النار إلى نصف ساقيه وفي حديث سمرة عند مسلم والى ركبتيه وفي رواية هشام بن سعد في حديث أبي سعيد والى حقوه قال النووي وما أنكره هو المختار ولا يمنع من ذلك قوله في الحديث الاخر في مسلم ان قوما يخرجون من النار يحترقون فيها الا دارات وجوههم فإنه يحمل على أن هؤلاء قوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار فيكون الحديث خاصا بهم وغيره عاما فيحمل على عمومه الا ما خص منه قلت ان أراد أن هؤلاء يخصون بأن النار لا تأكل وجوههم كلها وأن غيرهم لا تأكل منهم محل السجود خاصة وهو الجبهة سلم من الاعتراض والا يلزمه تسليم ما قال القاضي في حق الجميع الا هؤلاء وان كانت علامتهم الغرة كما تقدم النقل عمن قاله وما تعقبه بأنها خاصة بهذه الأمة فيضاف إليها التحجيل وهو في اليدين والقدمين مما يصل إليه الوضوء فيكون اشمل مما قاله النووي من جهة دخول جميع اليدين والرجلين لا تخصيص الكفين والقدمين ولكن ينقص منه الركبتان وما استدل به القاضي من بقية الحديث لا يمنع سلامة هذه الأعضاء مع الانغمار لان تلك الأحوال الاخروية خارجة على قياس أحوال أهل الدنيا ودل التنصيص على دارات الوجوه ان الوجه كله لا تؤثر فيه النار اكراما لمحل السجود ويحمل الاقتصار عليها على التنويه بها لشرفها وقد استنبط بن أبي جمرة من هذا ان من كان مسلما ولكنه كان لا يصلى لا يخرج إذ لا علامة له لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله لم يعملوا خيرا قط وهو مذكور في حديث أبي سعيد الاتي في التوحيد وهل المراد بمن يسلم من الاحراق من كان يسجد أو أعم من ان يكون بالفعل أو القوة الثاني أظهر ليدخل فيه من أسلم مثلا وأخلص فبغته الموت قبل أن يسجد ووجدت بخط أبي رحمة الله تعالى ولم اسمعه منه من نظمه ما يوافق مختار النووي وهو قوله يا رب أعضاء السجود عتقتها من عبدك الجاني وأنت الواقي والعتق يسري بالغنى ياذا الغنى فامنن على الفاني بعتق الباقي قوله فيخرجونهم قد امتحشوا هكذا وقع هنا وكذا وقع في حديث أبي سعيد في التوحيد عن يحيى بن بكير عن الليث بسنده ووقع عند أبي نعيم من رواية احمد بن إبراهيم بن ملحان عن يحيى بن بكير فيخرجون من عرفوا ليس فيه قد امتحشوا وانما ذكرها بعد قوله فيقبض قبضة وكذا أخرجه البيهقي وبن منده من رواية روح بن الفرج ويحيى بن أبي أيوب العلاف كلاهما عن يحيى بن بكير به قال عياض ولا يبعد ان الامتحاش يختص بأهل القبضة والتحريم على النار ان تأكل صورة الخارجين اولا قبلهم ممن عمل الخير على التفصيل السابق والعلم عند الله تعالى وتقدم ضبط امتحشوا وأنه بفتح المثناة والمهملة وضم المعجمة أي احترقوا وزنه ومعناه والمحش احتراق الجلد وظهور العظم قال عياض ضبطناه عن متقني شيوخنا وهو وجه الكلام وعند بعضهم بضم المثناة وكسر الحاء ولا يعرف في اللغة امتحشه متعديا وانما سمع لازما مطاوع محشته يقال محشته وامحشته وأنكر يعقوب بن السكيت الثلاثي وقال غيره امحشته فامتحش وامحشه الحر احرقه والنار احرقته