ميسرة قوله من اسعد الناس بشفاعتك لعل أبا هريرة سأل عن ذلك عند تحديثه صلى الله عليه وسلّم بقوله وأريد ان اختبئ دعوتي شفاعة لامتي في الآخرة وقد تقدم سياقه وبيان ألفاظه في أول كتاب الدعوات ومن طرقه شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وتقدم شرح حديث الباب في باب الحرص على الحديث من كتاب العلم وقوله من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه بكسر القاف وفتح الموحدة أي قال ذلك باختياره ووقع في رواية احمد وصححه بن حبان من طريق أخرى عن أبي هريرة نحو هذا الحديث وفيه لقد ظننت انك أول من يسألني عن ذلك من أمتي وشفاعتي لمن شهد ان لا إله إلا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه والمراد بهذه الشفاعة المسئول عنها هنا بعض أنواع الشفاعة وهي التي يقول صلى الله عليه وسلّم أمتي أمتي فيقال له اخرج من النار من في قلبه وزن كذا من الإيمان فأسعد الناس بهذه الشفاعة من يكون ايمانه أكمل ممن دونه وأما الشفاعة العظمى في الاراحة من كرب الموقف فأسعد الناس بها من يسبق إلى الجنة وهم الذين يدخلونها بغير حساب ثم الذين يلونهم وهو من يدخلها بغير عذاب بعد ان يحاسب ويستحق العذاب ثم من يصيبه لفح من النار ولا يسقط والحاصل ان في قوله اسعد إشارة إلى اختلاف مراتبهم في السبق إلى الدخول باختلاف مراتبهم في الإخلاص ولذلك اكده بقوله من قلبه مع ان الإخلاص محله القلب لكن إسناد الفعل إلى الجارحة ابلغ في التأكيد وبهذا التقرير يظهر موقع قوله اسعد وأنها على بابها من التفضيل ولا حاجة إلى قول بعض الشراح الاسعد هنا بمعنى السعيد لكون الكل يشتركون في شرطية الإخلاص لأنا نقول يشتركون فيه لكن مراتبهم فيه متفاوتة وقال البيضاوي يحتمل ان يكون المراد من ليس له عمل يستحق به الرحمة والخلاص لأن احتياجه إلى الشفاعة أكثر وانتفاعه بها أوفى والله اعلم الحديث الثاني والعشرون .
6202 - قوله جرير هو بن عبد الحميد ومنصور هو بن المعتمر وإبراهيم هو النخعي وعبيدة بفتح أوله هو بن عمرو وهذا السند كله كوفيون قوله اني لاعلم اخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا فيها قال عياض جاء نحو هذا في آخر من يجوز على الصراط يعني كما يأتي في آخر الباب الذي يليه قال فيحتمل أنهما اثنان اما شخصان واما نوعان أو جنسان وعبر فيه بالواحد عن الجماعة لاشتراكهم في الحكم الذي كان سبب ذلك ويحتمل ان يكون الخروج هنا بمعنى الورود وهو الجواز على الصراط فيتحد المعنى اما في شخص واحد أو أكثر قلت وقع عند مسلم من رواية أنس عن بن مسعود ما يقوى الاحتمال الثاني ولفظه اخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك وعند الحاكم من طريق مسروق عن بن مسعود ما يقتضي الجمع قوله حبوا بمهملة وموحدة أي زحفا وزنه ومعناه ووقع بلفظ زحفا في رواية الأعمش عن إبراهيم عند مسلم قوله فان لك مثل الدنيا وعشرة امثالها أو ان لك مثل عشرة أمثال الدنيا وفي رواية الأعمش فيقال له اتذكر الزمان الذي كنت فيه أي الدنيا فيقول نعم فيقال له تمن فيتمنى قوله اتسخر مني أو تضحك مني وفي رواية الأعمش اتسخر بي ولم يشك وكذا لمسلم من رواية منصور وله من رواية أنس عن بن مسعود اتستهزئ بي وأنت رب العالمين قال المازري هذا مشكل وتفسير الضحك بالرضا لا يتأتى هنا ولكن لما كانت عادة المستهزئ ان يضحك من الذي استهزأ به ذكر معه وأما نسبة السخرية إلى الله تعالى فهي على سبيل المقابلة وان لم يذكره في الجانب الاخر لفظا لكنه لما ذكر انه عاهد مرارا وغدر حل فعله