فيما تقدم اني قتلت نفسا بغير نفس وان يغفر لي اليوم حسبي مع ان الله قد غفر له بنص القرآن التفرقة بين من وقع منه شيء ومن لم يقع شيء أصلا فإن موسى عليه السلام مع وقوع المغفرة له لم يرتفع اشفاقه من المؤاخذة بذلك ورأى في نفسه تقصيرا عن مقام الشفاعة مع وجود ما صدر منه بخلاف نبينا صلى الله عليه وسلّم في ذلك كله ومن ثم احتج عيسى بأنه صاحب الشفاعة لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بمعنى ان الله أخبر انه لا يؤاخذه بذنب لو وقع منه وهذا من النفائس التي فتح الله بها في فتح الباري فله الحمد قوله فيأتوني في رواية النضر بن أنس عن أبيه حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلّم قال اني لقائم انتظر أمتي تعبر الصراط إذ جاء عيسى فقال يا محمد هذه الأنبياء قد جاءتك يسألون لتدعو الله ان يفرق جمع الأمم إلى حيث يشاء لغم ما هم فيه فأفادت هذه الرواية تعيين موقف النبي صلى الله عليه وسلّم حينئذ وان هذا الذي وصف من كلام أهل الموقف كله يقع عند نصب الصراط بعد تساقط الكفار في النار كما سيأتي بيانه قريبا وان عيسى عليه السلام هو الذي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلّم وان الأنبياء جميعا يسألونه في ذلك وقد اخرج الترمذي وغيره من حديث أبي بن كعب في نزول القرآن على سبعة أحرف وفيه وأخرت الثالثة ليوم يرغب الي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام ووقع في رواية معبد بن هلال فيأتوني فأقول انا لها انا لها زاد عقبة بن عامر عند بن المبارك في الزهد فيأذن الله لي فأقوم فيثور من مجلسي اطيب ريح شمها أحد وفي حديث سلمان عند أبي بكر بن أبي شيبة يأتون محمدا فيقولون يا نبي الله أنت الذي فتح الله بك وختم وغفر لك ما تقدم وما تأخر وجئت في هذا اليوم امنا وترى ما نحن فيه فقم فاشفع لنا إلى ربنا فيقول انا صاحبكم فيجوش الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة وفي رواية معتمر فيقول انا صاحبها قوله فأستأذن في رواية هشام فأنطلق حتى استأذن قوله على ربي زاد همام في داره فيؤذن لي قال عياض أي في الشفاعة وتعقب بأن ظاهر ما تقدم ان استئذانه الأول والاذن له انما هو في دخول الدار وهي الجنة وأضيفت إلى الله تعالى إضافة تشريف ومنه والله يدعو إلى دار السلام على القول بأن المراد بالسلام هنا الاسم العظيم وهو من أسماء الله تعالى قيل الحكمة في انتقال النبي صلى الله عليه وسلّم من مكانه إلى دار السلام ان ارض الموقف لما كانت مقام عرض وحساب كانت مكان مخافة واشفاق ومقام الشافع يناسب ان يكون في مكان اكرام ومن ثم يستحب ان يتحرى للدعاء المكان الشريف لأن الدعاء فيه أقرب للإجابة قلت وتقدم في بعض طرقه ان من جملة سؤال أهل الموقف استفتاح باب الجنة وقد ثبت في صحيح مسلم أنه أول من يستفتح باب الجنة وفي رواية علي بن زيد عن أنس عند الترمذي فآخذ حلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال من هذا فأقول محمد فيفتحون لي ويرحبون فأخر ساجدا وفي رواية ثابت عن أنس عند مسلم فيقول الخازن من فأقول محمد فيقول بك أمرت ان لا افتح لأحد قبلك وله من رواية المختار بن فلفل عن أنس رفعه انا أول من يقرع باب الجنة وفي رواية قتادة عن أنس اتى باب الجنة فاستفتح فيقال من هذا فأقول محمد فيقال مرحبا بمحمد وفي حديث سلمان فيأخذ بحلقة الباب وهي من ذهب فيقرع الباب فيقال من هذا فيقول محمد فيفتح له حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السجود فيؤذن له وفي حديث أبي بكر الصديق فيأتي جبريل ربه فيقول ائذن له قوله فإذا رأيته وقعت له ساجدا في رواية أبي بكر فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي وفي رواية لابن حبان من طريق ثوبان عن أنس فيتجلى له الرب ولا يتجلى لشيء قبله وفي حديث أبي بن كعب عند أبي يعلى