لآت وقوله قل ان الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم وقال بن الأثير في النهاية المراد بلقاء الله هنا المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله وليس الغرض به الموت لان كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها احب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله لأنه انما يصل إليه بالموت وقول عائشة والموت دون لقاء الله يبين ان الموت غير اللقاء ولكنه معترض دون الغرض المطلوب فيجب ان يصبر عليه ويحتمل مشاقه حتى يصل إلى الفوز باللقاء قال الطيبي يريد أن قول عائشة انا لنكره الموت يوهم أن المراد بلقاء الله في الحديث الموت وليس كذلك لان لقاء الله غير الموت بدليل قوله في الرواية الأخرى والموت دون لقاء الله لكن لما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله عبر عنه بلقاء الله وقد سبق بن الأثير إلى تأويل لقاء الله بغير الموت الامام أبو عبيد القاسم بن سلام فقال ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية ان يصير إلى الله والدار الآخرة قال ومما يبين ذلك ان الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وقال الخطابي معنى محبة العبد للقاء الله ايثاره الآخرة على الدنيا فلا يحب استمرار الإقامة فيها بل يستعد للارتحال عنها والكراهة بضد ذلك وقال النووي معنى الحديث أن المحبة والكراهة التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة حيث ينكشف الحال للمحتضر ويظهر له ما هو صائر إليه قوله بشر بعذاب الله وعقوبته في رواية سعد بن هشام بشر بعذاب الله وسخطه وفي رواية حميد عن أنس وان الكافر أو الفاجر إذا جاءه ما هو صائر إليه من السوء أو ما يلقى من الشر الخ وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى نحو ما مضى قوله اختصره أبو داود وعمرو عن شعبة يعني عن قتادة عن أنس عن عبادة ومعنى اختصاره انه اقتصر على أصل الحديث دون قوله فقالت عائشة الخ فأما رواية أبي داود وهو الطيالسي فوصلها الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود وكذا وقع لنا بعلو في مسند أبي داود الطيالسي وأما رواية عمرو وهو بن مرزوق فوصلها الطبراني في المعجم الكبير عن أبي مسلم الكجي ويوسف بن يعقوب القاضي كلاهما عن عمرو بن مرزوق وكذا أخرجه احمد عن محمد بن جعفر عن شعبة وهو عند مسلم من رواية محمد بن جعفر وهو غندر قوله وقال سعيد عن قتادة الخ وصله مسلم من طريق خالد بن الحارث ومحمد بن بكر كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة كما تقدم بيانه وكذا أخرجه احمد والترمذي والنسائي وبن ماجة من رواية سعيد بن أبي عروبة ووقع لنا بعلو في كتاب البعث لابن أبي داود وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم البداءة بأهل الخير في الذكر لشرفهم وان كان أهل الشر أكثر وفيه أن المجازاة من جنس العمل فإنه قابل المحبة بالمحبة والكراهة بالكراهة وفيه ان المؤمنين يرون ربهم في الآخرة وفيه نظر فإن اللقاء أعم من الرؤية ويحتمل على بعد ان يكون في قوله لقاء الله حذف تقديره لقاء ثواب الله ونحو ذلك ووجه البعد فيه الإتيان بمقابله لان أحدا من العقلاء لا يكره لقاء ثواب الله بل كل من يكره الموت انما يكرهه خشية ان لا يلقى ثواب الله اما لابطائه عن دخول الجنة بالشغل بالتبعات واما لعدم دخولها أصلا كالكافر وفيه ان المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلا على أنه بشر بالخير وكذا بالعكس وفيه ان محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت كأن تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره وان النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة