نفسا لم تكن مؤمنة قبل ايمانها بعد ولا نفسا لم تكسب خيرا قبل ما تكتسبه من الخير بعد فلف الكلامين فجعلهما كلاما واحدا ايجازا وبهذا التقرير يظهر انها لا تخالف مذهب أهل الحق فلا ينفع بعد ظهور الآيات اكتساب الخير ولو نفع الإيمان المتقدم من الخلود فهي بالرد على مذهبه أولى من أن تدل له وقال بن الحاجب في أماليه الإيمان قبل مجيء الآية نافع ولو لم يكن عمل صالح غيره ومعنى الآية لا ينفع نفسا ايمانها ولاكسبها العمل الصالح لم يكن الإيمان قبل الآية أو لم يكن العمل مع الإيمان قبلها فاختصر للعلم ونقل الطيبي كلام الأئمة في ذلك ثم قال المعتمد ما قال بن المنير وبن الحاجب وبسطه ان الله تعالى لما خاطب المعاندين بقوله تعالى وهذا كتاب انزلناه مبارك فاتبعوه الآية علل الإنزال بقوله ان تقولوا انما انزل الكتاب الخ إزالة للعذر والزاما للحجة وعقبة بقوله فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة تبكيتا لهم وتقريرا لما سبق من طلب الاتباع ثم قال فمن أظلم ممن كذب الآية أي انه انزل هذا الكتاب المنير كاشفا لكل ريب وهاديا إلى الطريق المستقيم ورحمة من الله للخلق ليجعلوه زادا لمعادهم فيما يقدمونه من الإيمان والعمل الصالح فجعلوا شكر النعمة ان كذبوا بها ومنعوا من الانتفاع بها ثم قال هل ينظرون الآية أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون الا أن يأتيهم عذاب الدنيا بنزول الملائكة بالعقاب الذي يستأصل شأفتهم كما جرى لمن مضى من الأمم قبلهم أو يأتيهم عذاب الآخرة بوجود بعض قوارعها فحينئذ تفوت تلك الفرصة السابقة فلا ينفعهم شيء مما كان ينفعهم من قبل من الإيمان وكذا العمل الصالح مع الإيمان فكأنه قيل يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها ولا كسبها العمل الصالح في ايمانها حينئذ إذا لم تكن أمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا من قبل ففي الآية لف لكن حذفت إحدى القرينتين بإعانة النشر ونظيره قوله تعالى ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا قال فهذا الذي عناه بن المنير بقوله ان هذا الكلام في البلاغة يقال له اللف والمعنى يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة من قبل ذلك ايمانها من بعد ذلك ولا ينفع نفسا كانت مؤمنة لكن لم تعمل في ايمانها عملا صالحا قبل ذلك ما تعمله من العمل الصالح بعد ذلك قال وبهذا التقرير يظهر مذهب أهل السنة فلا ينفع بعد ظهور الآية اكتساب الخير أي لاغلاق باب التوبة ورفع الصحف والحفظة وان كان ما سبق قبل ظهور الآية من الإيمان ينفع صاحبه في الجملة ثم قال الطيبي وقد ظفرت بفضل الله بعد هذا التقرير على آية أخرى تشبه هذه الآية وتناسب هذا التقرير معنى ولفظا من غير افراط ولا تفريط وهي قوله تعالى ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم الآية فإنه يظهر منه ان الإيمان المجرد قبل كشف قوارع الساعة نافع وان الإيمان المقارن بالعمل الصالح انفع وأما بعد حصولها فلا ينفع شيء أصلا والله اعلم انتهى ملخصا قوله ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته بكسر اللام وسكون القاف بعدها مهملة هي ذات الدر من النوق قوله يليط حوضه بضم أوله ويقال الاط حوضه إذا مدره أي جمع حجارة فصيرها كالحوض ثم سد ما بينها من الفرج بالمدر ونحوه لينحبس الماء هذا أصله وقد يكون للحوض خروق فيسدها بالمدر قبل أن يملأه وفي كل ذلك إشارة إلى أن القيامة تقوم بغتة كما قال الله تعالى لا تأتيكم الا بغتة