النبوية على قيام الساعة كنسبة فضل إحدى الاصبعين على الأخرى وقيل المراد استمرار دعوته لا تفترق إحداهما عن الأخرى كما أن الاصبعين لا تفترق إحداهما عن الأخرى ورجح الطيبي قول البيضاوي بزيادة المستورد فيه وقال القرطبي في التذكرة معنى هذا الحديث تقريب أمر الساعة ولا منافاة بينه وبين قوله في الحديث الآخر ما المسئول عنها بأعلم من السائل فإن المراد بحديث الباب انه ليس بينه وبين الساعة نبي كما ليس بين السبابة والوسطى أصبع أخرى ولا يلزم من ذلك علم وقتها بعينه لكن سياقه يفيد قربها وأن اشراطها متتابعة كما قال تعالى فقد جاء اشراطها قال الضحاك أول اشراطها بعثة محمد صلى الله عليه وسلّم والحكمة في تقدم الاشراط ايقاظ الغافلين وحثهم على التوبة والاستعداد وقال الكرماني قيل معناه الإشارة إلى قرب المجاورة وقيل إلى تفاوت ما بينهما طولا وعلى هذا فالنظر في القول الأول إلى العرض وقيل المراد ليس بينهما واسطة ولا معارضة بين هذا وبين قوله تعالى ان الله عنده علم الساعة ونحو ذلك لأن علم قربها لا يستلزم علم وقت مجيئها معينا وقيل معنى الحديث أنه ليس بيني وبين القيامة شيء هي التي تليني كما تلي السبابة الوسطى وعلى هذا فلا تنافي بين ما دل عليه الحديث وبين قوله تعالى عن الساعة لا يعلمها الا هو وقال عياض حاول بعضهم في تأويله أن نسبة ما بين الاصبعين كنسبة ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى وأن جملتها سبعة آلاف سنة واستند إلى أخبار لا تصح وذكر ما أخرجه أبو داود في تأخير هذه الأمة نصف يوم وفسره بخمسمائة سنة فيؤخذ من ذلك أن الذي بقي نصف سبع وهو قريب مما بين السبابة والوسطى في الطول قال وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزة هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتا لم يقع خلافه قلت وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين ثلاثمائة سنة وقال بن العربي قيل الوسطى تزيد على السبابة نصف سبعها وكذلك الباقي من الدنيا من البعثة إلى قيام الساعة قال وهذا بعيد ولا يعلم مقدار الدنيا فكيف يتحصل لنا نصف سبع أمد مجهول فالصواب الاعراض عن ذلك قلت السابق إلى ذلك أبو جعفر بن جرير الطبري فإنه أورد في مقدمة تاريخه عن بن عباس قال الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة وأورده من طريق يحيى بن يعقوب عن حماد بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير عنه ويحيى هو أبو طالب القاص الأنصاري قال البخاري منكر الحديث وشيخه هو فقيه الكوفة وفيه مقال ثم أورد الطبري عن كعب الأحبار قال الدنيا ستة آلاف سنة وعن وهب بن منبه مثله وزاد ان الذي مضى منها خمسة آلاف وستمائة سنة ثم زيفهما ورجح ما جاء عن بن عباس ثم أورد حديث بن عمر الذي في الصحيحين مرفوعا ما أجلكم في اجل من كان قبلكم الا من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ومن طريق مغيرة بن حكيم عن بن عمر بلفظ ما بقي لامتي من الدنيا الا كمقدار إذا صليت العصر ومن طريق مجاهد عن بن عمر كنا عند النبي صلى الله عليه وسلّم والشمس على قعيقعان مرتفعة بعد العصر فقال ما اعماركم في اعمار من مضى الا كما بقي من هذا النهار فيما مضى منه وهو عند أحمد أيضا بسند حسن ثم اورد حديث أنس خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما وقد كادت الشمس تغيب فذكر نحو الحديث الأول عن بن عمر ومن حديث أبي سعيد بمعناه قال عند غروب الشمس ان مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها كبقية يومكم هذا فيما مضى منه وحديث أبي سعيد أخرجه أيضا وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف وحديث أنس أخرجه أيضا وفيه موسى بن خلف ثم جمع بينهما بما حاصله أنه حمل قوله بعد صلاة العصر على ما إذا صليت في