تفرقوا اما لغزو أو سفر أو استفتاء فقلوا ووقع في عوارف السهروردي أنهم كانوا أربعمائة قوله فقال يا أبا هر في رواية علي بن مسهر فقال أبو هريرة وقد تقدم توجيه ذلك قوله خذ فأعطهم أي القدح الذي فيه اللبن وصرح به في رواية يونس قوله اعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل أي الذي إلى جنبه قال الكرماني هذا فيه أن المعرفة إذا اعيدت معرفة لا تكون عين الأول والتحقيق ان ذلك لا يطرد بل الأصل أن تكون عينه الا ان تكون هناك قرينة تدل على أنه غيره مثل ما وقع هنا من قوله حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فإنه يدل على انه اعطاهم واحدا بعد واحد إلى ان كان آخرهم النبي صلى الله عليه وسلّم قلت وقع في رواية يونس ثم يرده فأناوله الاخر وفي رواية علي بن مسهر قال خذ فناولهم قال فجعلت أناول الإناء رجلا رجلا فيشرب فإذا روى اخذته فناولته الاخر حتى روى القوم جميعا وعلى هذا فاللفظ المذكور من تصرف الرواة فلا حجة فيه لخرم القاعدة قوله حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقد روى القوم كلهم أي فأعطيته القدح قوله فأخذ القدح زاد روح وقد بقيت فيه فضلة قوله فوضعه على يده فنظر الي فتبسم في رواية علي بن مسهر فرفع رأسه فتبسم كأنه صلى الله عليه وسلّم كان تفرس في أبي هريرة ما كان وقع في توهمه أن لا يفضل له من اللبن شيء كما تقدم تقريره فلذلك تبسم إليه إشارة إلى أنه لم يفته شيء قوله فقال أبا هر كذا فيه بحذف حرف النداء وفي رواية علي بن مسهر فقال أبو هريرة وقد تقدم توجيهه قوله بقيت أنا وأنت كأن ذلك بالنسبة إلى من حضر من أهل الصفة فأما من كان في البيت من أهل النبي صلى الله عليه وسلّم فلم يتعرض لذكرهم ويحتمل أن البيت إذ ذاك ما كان فيه أحد منهم أو كانوا أخذوا كفايتهم وكان اللبن الذي في ذلك القدح نصيب النبي صلى الله عليه وسلّم قوله اقعد فاشرب في رواية علي بن مسهر قال خذ فاشرب قوله فما زال يقول اشرب في رواية روح فما زال يقول لي قوله ما أجد له مسلكا في رواية روح في مسلكا قوله فأرني في رواية روح فقال ناولني القدح قوله فحمد الله وسمى أي حمد الله على ما من به من البركة التي وقعت في اللبن المذكور مع قلته حتى روى القوم كلهم وأفضلوا وسمى في ابتداء الشرب قوله وشرب الفضلة أي البقية وهي رواية علي بن مسهر وفي رواية روح فشرب من الفضلة وفيه اشعار بأنه بقي بعد شربه شيء فإن كانت محفوظة فلعله أعدها لمن بقي في البيت ان كان وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم استحباب الشرب من قعود وان خادم القوم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الإناء من كل واحد فيدفعه هو إلى الذي يليه ولا يدع الرجل يناول رفيقه لما في ذلك من نوع امتهان الضيف وفيه معجزة عظيمة وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وسلّم وفيه جواز الشبع ولو بلغ أقصى غايته اخذا من قول أبي هريرة لا أجد له مسلكا وتقرير النبي صلى الله عليه وسلّم على ذلك خلافا لمن قال بتحريمه وإذا كان ذلك في اللبن مع رقته ونفوذه فكيف بما فوقه من الأغذية الكثيفة لكن يحتمل أن يكون ذلك خاصا بما وقع في تلك الحال فلا يقاس عليه وقد أورد الترمذي عقب حديث أبي هريرة هذا حديث بن عمر رفعه أكثرهم في الدنيا شبعا اطولهم جوعا يوم القيامة وقال حسن وفي الباب عن أبي جحيفة قلت وحديث أبي جحيفة أخرجه الحاكم وضعفه أحمد وفي الباب أيضا حديث المقدام بن معد يكرب رفعه ما ملأ بن آدم وعاء شرا من بطنه الحديث أخرجه الترمذي أيضا وقال حسن صحيح