التراب الا بالتراب ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكر التراب دون غيره أن المرء لا ينقضى طمعه حتى يموت فإذا مات كان من شأنه أن يدفن فإذا دفن صب عليه التراب فملأ جوفه وفاه وعينيه ولم يبق منه موضع يحتاج إلى تراب غيره وأما النسبة إلى الفم فلكونه الطريق إلى الوصول للجوف قوله في الطريق الثانية لابن عباس ويتوب الله على من تاب أي ان الله يقبل التوبة من الحريص كما يقبلها من غيره قيل وفيه إشارة إلى ذم الاستكثار من جمع المال وتمني ذلك والحرص عليه للإشارة إلى أن الذي يترك ذلك يطلق عليه أنه تاب ويحتمل أن يكون تاب بالمعنى اللغوي وهو مطلق الرجوع أي رجع عن ذلك الفعل والتمني وقال الطيبي يمكن أن يكون معناه أن الآدمي مجبول على حب المال وأنه لا يشبع من جمعه الا من حفظه الله تعالى ووفقه لإزالة هذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هم فوضع ويتوب موضعه أشعارا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب وأن ازالتها ممكنة بتوفيق الله وتسديده والى ذلك الإشارة بقوله تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ففي إضافة الشح إلى النفس دلالة على انه غريزة فيها وفي قوله ومن يوق إشارة إلى إمكان إزالة ذلك ثم رتب الفلاح على ذلك قال وتؤخذ المناسبة أيضا من ذكر التراب فإن فيه إشارة إلى أن الآدمي خلق من التراب ومن طبعه القبض واليبس وأن إزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه ما يصلحه حتى يثمر الخلال الزكية والخصال المرضية قال تعالى والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا فوقع قوله ويتوب الله الخ موقع الاستدراك أي أن ذلك العسر الصعب يمكن أن يكون يسيرا على من يسره الله تعالى عليه .
6073 - قوله قال بن عباس فلا أدري من القرآن هو أم لا يعني الحديث المذكور وسيأتي بيان ذلك في الكلام على حديث أبي قوله قال وسمعت بن الزبير القائل هو عطاء وهو متصل بالسند المذكور وقوله على المنبر بين في الرواية التي بعدها أنه منبر مكة وقوله ذلك إشارة إلى الحديث وظاهره أنه باللفظ المذكور بدون زيادة بن عباس الحديث الثالث .
6074 - قوله عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل أي غسيل الملائكة وهو حنظلة بن أبي عامر الأوسي وهو جد سليمان المذكور لأنه بن عبد الله بن حنظلة ولعبد الله صحبة وهو من صغار الصحابة وقتل يوم الحرة وكان الأمير على طائفة الأنصار يومئذ وأبوه استشهد بأحد وهو من كبار الصحابة وأبوه أبو عامر يعرف بالراهب وهو الذي بنى مسجد الضرار بسببه ونزل فيه القرآن وعبد الرحمن معدود في صغار التابعين لأنه لقي بعض صغار الصحابة وهذا الإسناد من أعلى ما في صحيح البخاري لأنه في حكم الثلاثيات وان كان رباعيا وعباس بن سهل بن سعد هو ولد الصحابي المشهور الحديث الرابع قوله عبد العزيز هو الأويسي وصالح هو بن كيسان وبن شهاب هو الزهري .
6075 - قوله أحب أن يكون كذا وقع بغير لام وهو جائز وقد تقدم من رواية بن عباس بلفظ لأحب الحديث الخامس قوله وقال لنا أبو الوليد هو الطيالسي هشام بن عبد الملك وشيخه حماد بن سلمة لم يعدوه فيمن خرج له البخاري موصولا بل علم المزي على هذا السند في الأطراف علامة التعليق وكذا رقم لحماد بن سلمة في التهذيب علامة التعليق ولم ينبه على هذا الموضع وهو مصير منه إلى استواء قال فلان وقال لنا فلان وليس بجيد لأن قوله قال لنا ظاهر في الوصل وان كان بعضهم قال انها للاجازة أو للمناولة أو للمذاكرة فكل ذلك في حكم الموصول وان كان التصريح بالتحديث أشد اتصالا والذي ظهر لي بالاستقراء من صنيع البخاري أنه لا يأتي بهذه الصيغة الا إذا كان المتن ليس على شرطه في أصل موضوع كتابه كأن يكون