( قوله باب مثل الدنيا في الآخرة ) .
هذه الترجمة بعض لفظ حديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طريق قيس بن أبي حازم عن المستورد بن شداد رفعه والله ما الدنيا في الآخرة الا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع وسنده إلى التابعي على شرط البخاري لأنه لم يخرج للمستورد واقتصر على ذكر حديث سهل بن سعد موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها فان قدر السوط من الجنة إذا كان خيرا من الدنيا فيكون الذي يساويها مما في الجنة دون قدر السوط فيوافق ما دل عليه حديث المستورد وقد تقدم شرح قوله غدوة في سبيل الله في كتاب الجهاد قال القرطبي هذا نحو قوله تعالى قل متاع الدنيا قليل وهذا بالنسبة إلى ذاتها واما بالنسبة إلى الآخرة فلا قدر لها ولا خطر وانما اورد ذلك على سبيل التمثيل والتقريب والا فلا نسبة بين المتناهي وبين ما لا يتناهى والى ذلك الإشارة بقوله فلينظر بم يرجع ووجهه ان القدر الذي يتعلق بالأصبع من ماء البحر لا قدر له ولا خطر وكذلك الدنيا بالنسبة إلى الآخرة والحاصل ان الدنيا كالماء الذي يعلق في الأصبع من البحر والآخرة كسائر البحر تنبيه اختلف في ياء يرجع فذكر الرامهرمزي ان أهل الكوفة رووه بالمثناة قال فجعلوا الفعل للاصبع وهي مؤنثة ورواه أهل البصرة بالتحتانية قال فجعلوا الفعل لليم قلت أو للواضع قوله وقوله تعالى انما الحياة الدنيا لعب ولهو إلى قوله متاع الغرور كذا في رواية أبي ذر وساق في رواية كريمة الآية كلها وعلى هذا فتفتح الهمزة في انما محافظة على لفظ التلاوة فان أول الآية اعلموا انما الحياة الدنيا الخ ولولا ما وقع من سياق بقية الآية لجوزت ان يكون المصنف أراد الآية التي في القتال وهي قوله تعالى انما الحياة الدنيا لعب ولهو وان تؤمنوا وتتقوا يؤتكم اجوركم الآية قال بن عطية المراد بالحياة الدنيا في هذه الآية ما يختص بدار الدنيا من تصرف وأما ما كان فيها من الطاعة وما لا بد منه مما يقيم الاود ويعين على الطاعة فليس مرادا هنا والزينة ما يتزين به مما هو خارج عن ذات الشيء مما يحسن به الشيء والتفاخر يقع بالنسب غالبا كعادة العرب والتكاثر ذكر متعلقة في الآية وصورة هذا المثال ان المرء يولد فينشأ فيقوى فيكسب المال والولد ويرأس ثم يأخذ بعد ذلك في الانحطاط فيشيب ويضعف ويسقم وتصيبه النوائب من مرض ونقص مال وعز ثم يموت فيضمحل امره ويصير ماله لغيره وتغير رسومه فحاله كحال ارض اصابها مطر فنبت عليها العشب نباتا معجبا انيقا ثم هاج أي يبس واصفر ثم تحطم وتفرق إلى ان اضمحل قال واختلف في المراد بالكفار فقيل جمع كافر بالله لأنهم أشد تعظيما للدنيا واعجابا بمحاسنها وقيل المراد بهم الزراع مأخوذ من كفر الحب في الأرض أي ستره بها وخصهم بالذكر لأنهم أهل البصر