صلى الله عليه وسلّم كان يقوله في صلاة الليل وقد تقدم بيانه قبل ووقع أيضا في حديث علي عند مسلم انه كان يقوله في اخر الصلاة واختلفت الرواية هل كان يقوله قبل السلام أو بعده ففي رواية لمسلم ثم يكون من اخر ما يقول بين التشهد والسلام اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اسرفت وما اعلنت وما أنت اعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله الا أنت وفي رواية له وإذا سلم قال اللهم اغفر لي ما قدمت الخ ويجمع بينهما بحمل الرواية الثانية على إرادة السلام لان مخرج الطريقين واحد وأورده بن حبان في صحيحه بلفظ كان إذا فرغ من الصلاة وسلم وهذا ظاهر في انه بعد السلام ويحتمل انه كان يقول ذلك قبل السلام وبعده وقد وقع في حديث بن عباس نحو ذلك كما بينته عند شرحه قوله رب اغفر لي خطيئتي الخطيئة الذنب يقال خطيء يخطىء ويجوز تسهيل الهمزة فيقال خطية بالتشديد قوله وجهلي الجهل ضد العلم قوله واسرافي في أمري كله الإسراف مجاوزة الحد في كل شيء قال الكرماني يحتمل ان يتعلق بالاسراف فقط ويحتمل ان يتعلق بجميع ما ذكره قوله اغفر لي خطاياي وعمدي وقع في رواية الكشميهني في طريق إسرائيل خطئي وكذا أخرجه البخاري في الأدب المفرد بالسند الذي في الصحيح وهو المناسب لذكر العمد ولكن جمهور الرواة على الأول والخطايا جمع خطيئة وعطف العمد عليها من عطف الخاص على العام فان الخطيئة أعم من ان تكون عن خطأ وعن عمد أو هو من عطف أحد العامين على الاخر قوله وجهلي وجدي وقع في مسلم اغفر لي هزلي وجدي وهو انسب والجد بكسر الجيم ضد الهزل قوله وكل ذلك عندي أي موجود أو ممكن قوله اللهم اغفر لي ما قدمت الخ تقدم سر المراد به وبيان تأويله قوله أنت المقدم وأنت المؤخر في رواية مسلم اللهم أنت المقدم الخ قوله وأنت على كل شيء قدير في حديث على الذي أشرت إليه قبل لا اله الا أنت بدل قوله وأنت على كل شيء قدير قال الطبري بعد ان استشكل صدور هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلّم مع قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ما حاصله انه صلى الله عليه وسلّم امتثل ما أمره الله به من تسبيحه وسؤاله المغفرة إذا جاء نصر الله والفتح قال وزعم قوم ان استغفاره عما يقع بطريق السهو والغفلة أو بطريق الاجتهاد مما لا يصادف ما في نفس الأمر وتعقب بأنه لو كان كذلك للزم منه ان الأنبياء يؤاخذون بمثل ذلك فيكونون أشد حالا من اممهم وأجيب بالتزامه قال المحاسبي الملائكة والأنبياء أشد لله خوفا ممن دونهم وخوفهم خوف اجلال واعظام واستغفارهم من التقصير لا من الذنب المحقق وقال عياض يحتمل ان يكون قوله اغفر لي خطيئتي وقوله اغفر لي ما قدمت وما أخرت على سبيل التواضع والاستكانة والخضوع والشكر لربه لما علم انه قد غفر له وقيل هو محمول على ما صدر من غفلة أو سهو وقيل على ما مضى قبل النبوة وقال قوم وقوع الصغيرة جائز منهم فيكون الاستغفار من ذلك وقيل هو مثل ما قال بعضهم في آية الفتح ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك أي من ذنب أبيك آدم وما تأخر أي من ذنوب أمتك وقال القرطبي في المفهم وقوع الخطيئة من الأنبياء جائز لأنهم مكلفون فيخافون وقوع ذلك ويتعوذون منه وقيل قاله على سبيل التواضع والخضوع لحق الربوبية ليقتدى به في ذلك تكميل نقل الكرماني تبعا لمغلطاي عن القرافي ان قول القائل في دعائه اللهم اغفر لجميع المسلمين دعاء بالمحال لان صاحب الكبيرة قد يدخل النار ودخول النار ينافي الغفران وتعقب بالمنع وان المنافي للغفران الخلود في النار واما الإخراج بالشفاعة أو العفو فهو غفران في الجملة وتعقب