استند إلى شيء تقوى به واستعان به وخصه بالظهر لان العادة جرت ان الإنسان يعتمد بظهره إلى ما يستند إليه وقوله رغبة ورهبة إليك أي رغبة في رفدك وثوابك ورهبة أي خوفا من غضبك ومن عقابك قال بن الجوزي اسقط من مع ذكر الرهبة واعمل إلى مع ذكر الرغبة وهو على طريق الاكتفاء كقول الشاعر وزججن الحواجب والعيونا والعيون لا تزجج لكن لما جمعهما في نظم حمل أحدهما على الآخر في اللفظ وكذا قال الطيبي ومثل بقوله متقلدا سيفا ورمحا قلت ولكن ورد في بعض طرقه بإثبات من ولفظه رهبة منك ورغبة إليك أخرجه النسائي وأحمد من طريق حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة قوله لا ملجأ ولا منجأ منك الا إليك أصل ملجأ بالهمز ومنجا بغير همز ولكن لما جمعا جاز ان يهمزا للازدواج وان يترك الهمز فيهما وان يهمز المهموز ويترك الاخر فهذه ثلاثة أوجه ويجوز التنوين مع القصر فتصير خمسة قال الكرماني هذان اللفظان ان كانا مصدرين يتنازعان في منك وان كانا ظرفين فلا إذ اسم المكان لا يعمل وتقديره لا ملجأ منك إلى أحد الا إليك ولا منجا منك الا إليك وقال الطيبي في نظم هذا الذكر عجائب لا يعرفها الا المتقن من أهل البيان فأشار بقوله أسلمت نفسي إلى ان جوارحه منقادة لله تعالى في اوامره ونواهيه وبقوله وجهت وجهي إلى ان ذاته مخلصة له بريئة من النفاق وبقوله فوضت أمري إلى ان أموره الخارجة والداخلة مفوضة إليه لا مدبر لها غيره وبقوله الجأت ظهري إلى انه بعد التفويض يلتجئ إليه مما يضره ويؤذيه من الأسباب كلها قال وقوله رغبة ورهبة منصوبان على المفعول له على طريق اللف والنشر أي فوضت اموري إليك رغبة وألجأت ظهري إليك رهبة قوله آمنت بكتابك الذي أنزلت يحتمل ان يريد به القرآن ويحتمل ان يريد اسم الجنس فيشمل كل كتاب انزل قوله ونبيك الذي أرسلت وقع في رواية أبي زيد المروزي ارسلته وأنزلته في الأول بزيادة الضمير فيهما قوله فإن مت مت على الفطرة في رواية أبي الأحوص عن أبي إسحاق الآتية في التوحيد من ليلتك وفي رواية المسيب بن رافع من قالهن ثم مات تحت ليلته قال الطيبي فيه إشارة إلى وقوع ذلك قبل ان ينسلخ النهار من الليل وهو تحته أو المعنى بالتحت أي مت تحت نازل ينزل عليك في ليلتك وكذا معنى من في الرواية الأخرى أي من اجل ما يحدث في ليلتك وقوله على الفطرة أي على الدين القويم ملة إبراهيم فإنه عليه السلام اسلم واستسلم قال الله تعالى عنه جاء ربه بقلب سليم وقال عنه أسلمت لرب العالمين وقال فلما اسلما وقال بن بطال وجماعة المراد بالفطرة هنا دين الإسلام وهو بمعنى الحديث الاخر من كان اخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة قال القرطبي في المفهم كذا قال الشيوخ وفيه نظر لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذكرت من التوحيد والتسليم والرضا إلى ان يموت كمن يقول لا إله إلا الله ممن لم يخطر له شيء من هذه الأمور فأين فائدة هذه الكلمات العظيمة وتلك المقامات الشريفة ويمكن ان يكون الجواب ان كلا منهما وان مات على الفطرة فبين الفطرتين ما بين الحالتين ففطرة الأول فطرة المقربين وفطرة الثاني فطرة أصحاب اليمين قلت وقع في رواية حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة في آخره عند احمد بدل قوله مات على الفطرة بنى له بيت في الجنة وهو يؤيد ما ذكره القرطبي ووقع في اخر الحديث في التوحيد من طريق أبي إسحاق عن البراء وان أصبحت أصبت خيرا وكذا لمسلم