وأخرج الطبري من طريق الواقدي أن معاوية غزا الروم في خلافة عثمان فصالح أهل قبرس وسمى امرأته كبرة بفتح الكاف وسكون الموحدة وقيل فأخته بنت قرظة وهما أختان كان معاوية تزوجهما واحدة بعد أخرى ومن طريق بن وهب عن بن لهيعة أن معاوية غزا بامرأته إلى قبرس في خلافة عثمان فصالحهم ومن طريق أبي معشر المدني أن ذلك كان في سنة ثلاث وثلاثين فتحصلنا على ثلاثة أقوال والأول أصح وكلها في خلافة عثمان أيضا لأنه قتل في آخر سنة خمس وثلاثين قوله فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت في رواية الليث فلما انصرفوا من غزوهم قافلين إلى الشام قربت إليها دابة لتركبها فصرعت فماتت وفي رواية حماد بن زيد عند أحمد فوقصتها بغلة لها شهباء فوقعت فماتت وفي رواية عنه مضت في باب ركوب البحر فوقعت فاندقت عنقها وقد جمع بينهما في باب فضل من يصرع في سبيل الله والحاصل أن البغلة الشهباء قربت إليها لتركبها فشرعت لتركب فسقطت فاندقت عنقها فماتت وظاهر رواية الليث أن وقعتها كانت بساحل الشام لما خرجت من البحر بعد رجوعهم من غزاة قبرس لكن أخرج بن أبي عاصم في كتاب الجهاد عن هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة بالسند الماضي لقصة أم حرام في باب ما قيل في قتال الروم وفيه وعبادة نازل بساحل حمص قال هشام بن عمار رأيت قبرها بساحل حمص وجزم جماعة بأن قبرها بجزيرة قبرس فقال بن حبان بعد أن أخرج الحديث من طريق الليث بن سعد بسنده قبر أم حرام بجزيرة في بحر الروم يقال لها قبرس بين بلاد المسلمين وبينها ثلاثة أيام وجزم بن عبد البر بأنها حين خرجت من البحر إلى جزيرة قبرس قربت إليها دابتها فصرعتها وأخرج الطبري من طريق الواقدي أن معاوية صالحهم بعد فتحها على سبعة آلاف دينار في كل سنة فلما أرادوا الخروج منها قربت لأم حرام دابة لتركبها فسقطت فماتت فقبرها هناك يستسقون به ويقولون قبر المرأة الصالحة فعلى هذا فلعل مراد هشام بن عمار بقوله رأيت قبرها بالساحل أي ساحل جزيرة قبرس فكأنه توجه إلى قبرس لما غزاها الرشيد في خلافته ويجمع بأنهم لما وصلوا إلى الجزيرة بادرت المقاتلة وتأخرت الضعفاء كالنساء فلما غلب المسلمون وصالحوهم طلعت أم حرام من السفينة قاصدة البلد لتراها وتعود راجعة للشام فوقعت حينئذ ويحمل قول حماد بن زيد في روايته فلما رجعت وقول أبي طوالة فلما قفلت أي أرادت الرجوع وكذا قول الليث في روايته فلما انصرفوا من غزوهم قافلين أي أرادوا الانصراف ثم وقفت على شيء يزول به الاشكال من أصله وهو ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت نام رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم استيقظ وهو يضحك فقلت تضحك مني يا رسول الله قال لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم كمثل الملوك على الأسرة ثم نام ثم استيقظ فقال مثل ذلك سواء لكن قال فيرجعون قليلة غنائمهم مغفورا لهم قالت فادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها قال عطاء فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم فماتت بأرض الروم وهذا إسناد على شرط الصحيح وقد أخرج أبو داود من طريق هشام بن يوسف عن معمر فقال في روايته عن عطاء بن يسار عن الرميصاء أخت أم سليم وأخرجه بن وهب عن حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم فقال في روايته عن أم حرام وكذا قال زهير بن عباد عن زيد بن أسلم والذي يظهر لي أن قول من قال في حديث عطاء بن يسار هذا عن أم حرام وهم وانما هي الرميصاء وليست أم سليم وان كانت يقال لها أيضا الرميصاء كما تقدم في المناقب من حديث جابر لأن أم سليم لم تمت بأرض