نعمة فيهنئه بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها وقال التوربشتي في شرح المصابيح معنى قوله قوموا إلى سيدكم أي إلى اعانته وانزاله من دابته ولو كان المراد التعظيم لقال قوموا لسيدكم وتعقبه الطيبي بأنه لا يلزم من كونه ليس للتعظيم أن لا يكون للإكرام وما اعتل به من الفرق بين إلى واللام ضعيف لأن إلى في هذا المقام أفخم من اللام كأنه قيل قوموا وامشوا إليه تلقيا وإكراما وهذا مأخوذ من ترتب الحكم على الوصف المناسب المشعر بالعلية فإن قوله سيدكم علة للقيام له وذلك لكونه شريفا علي القدر وقال البيهقي القيام على وجه البر والإكرام جائز كقيام الأنصار لسعد وطلحة لكعب ولا ينبغي لمن يقام له أن يعتقد استحقاقه لذلك حتى ان ترك القيام له حنق عليه أو عاتبه أو شكاه قال أبو عبد الله وضابط ذلك أن كل أمر ندب الشرع المكلف بالمشي إليه فتأخر حتى قدم المأمور لأجله فالقيام إليه يكون عوضا عن المشي الذي فات واحتج النووي أيضا بقيام طلحة لكعب بن مالك وأجاب بن الحاج بأن طلحة إنما قام لتهنئته ومصافحته ولذلك لم يحتج به البخاري للقيام وإنما أورده في المصافحة ولو كان قيامه محل النزاع لما انفرد به فلم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلّم قام له ولا أمر به ولا فعله أحد ممن حضر وإنما انفرد طلحة لقوة المودة بينهما على ما جرت به العادة أن التهنئة والبشارة ونحو ذلك تكون على قدر المودة والخلطة بخلاف السلام فإنه مشروع على من عرفت ومن لم تعرف والتفاوت في المودة يقع بسبب التفاوت في الحقوق وهو أمر معهود قلت ويحتمل أن يكون من كان لكعب عنده من المودة مثل ما عند طلحة لم يطلع على وقوع الرضا عن كعب واطلع عليه طلحة لأن ذلك عقب منع الناس من كلامه مطلقا وفي قول كعب لم يقم إلي من المهاجرين غيره إشارة إلى أنه قام إليه غيره من الأنصار ثم قال بن الحاج وإذا حمل فعل طلحة على محل النزاع لزم أن يكون من حضر من المهاجرين قد ترك المندوب ولا يظن بهم ذلك واحتج النووي بحديث عائشة المتقدم في حق فاطمة وأجاب عنه بن الحاج باحتمال أن يكون القيام لها لأجل إجلاسها في مكانه إكراما لها لا على وجه القيام المنازع فيه ولا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم وقلة الفرش فيها فكانت إرادة إجلاسه لها في موضعه مستلزمة لقيامه وأمعن في بسط ذلك واحتج النووي أيضا بما أخرجه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان جالسا يوما فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فجلس عليه ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من الجانب الآخر ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام فأجلسه بين يديه واعترضه بن الحاج بأن هذا القيام لو كان محل النزاع لكان الوالدان أولى به من الأخ وإنما قام للأخ إما لأن يوسع له في الرداء أو في المجلس واحتج النووي أيضا بما أخرجه مالك في قصة عكرمة بن أبي جهل أنه لما فر إلى اليمن يوم الفتح ورحلت امرأته إليه حتى أعادته إلى مكة مسلما فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلّم وثب إليه فرحا وما عليه رداء وبقيام النبي صلى الله عليه وسلّم لما قدم جعفر من الحبشة فقال ما أدري بأيهما أنا أسر بقدوم جعفر أو بفتح خيبر وبحديث عائشة قدم زيد بن حارثة المدينة والنبي صلى الله عليه وسلّم في بيتي فقرع الباب فقام إليه فاعتنقه وقبله وأجاب بن الحاج بأنها ليست من محل النزاع كما تقدم واحتج أيضا بما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحدثنا فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل وأجاب بن الحاج بأن قيامهم كان لضرورة الفراغ ليتوجهوا إلى أشغالهم ولأن بيته كان بابه في المسجد والمسجد لم يكن واسعا إذ ذاك فلا يتأتى أن يستووا قياما الا وهو قد دخل كذا قال والذي يظهر لي في الجواب أن يقال لعل سبب تأخيرهم حتى يدخل لما يحتمل عندهم من أمر يحدث له حتى لا يحتاج إذا تفرقوا أن يتكلف استدعائهم ثم