وأما السخاء فهو بمعنى الجود وهو بذل ما يقتنى بغير عوض وعطفه على حسن الخلق من عطف الخاص على العام وإنما أفرد للتنويه به وأما البخل فهو منع ما يطلب مما يقتنى وشره ما كان طالبه مستحقا ولا سيما إن كان من غير مال المسئول وأشار بقوله وما يكره من البخل إلى أن بعض ما يجوز انطلاق اسم البخل عليه قد لا يكون مذموما ثم ذكر المصنف في الباب ثمانية أحاديث الأولان معلقان الحديث الأول قوله وقال بن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود الناس تقدم موصولا في كتاب الإيمان وتقدم شرحه في كتاب الصيام وفيه بيان السبب في أكثرية جوده في رمضان الحديث الثاني قوله وقال أبو ذر لما بلغه مبعث النبي صلى الله عليه وسلّم قال لأخيه الخ كذا للأكثر بتكرير قال وفي رواية الكشميهني وكان أبو ذر الخ وهي أولى وهذا طرف من قصة إسلام أبي ذر وقد تقدمت موصولة مطولة في المبعث النبوي مشروحة والغرض منه هنا قوله ويأمر بمكارم الأخلاق والمكارم جمع مكرمة بضم الراء وهي من الكرم قال الراغب وهو اسم الأخلاق وكذلك الأفعال المحمودة قال ولا يقال للرجل كريم حتى يظهر ذلك منه ولما كان أكرم الأفعال ما يقصد به أشرف الوجوه وأشرفها ما يقصد به وجه الله تعالى وإنما يحصل ذلك من المتقى قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم وكل فائق في بابه يقال له كريم الحديث الثالث حديث أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلّم أحسن الناس أي أحسنهم خلقا وخلقا وأجود الناس أي أكثرهم بذلا لما يقدر عليه وأشجع الناس أي أكثرهم إقداما مع عدم الفرار وقد تقدم شرح الحديث المذكور في كتاب الهبة واقتصار أنس على هذه الأوصاف الثلاث من جوامع الكلم لأنها أمهات الأخلاق فإن في كل إنسان ثلاث قوى أحدها الغضبية وكمالها الشجاعة ثانيها الشهوانية وكمالها الجود ثالثها العقلية وكمالها النطق بالحكمة وقد أشار أنس إلى ذلك بقوله أحسن الناس لأن الحسن يشمل القول والفعل ويحتمل أن يكون المراد بأحسن الناس حسن الخلقة وهو تابع لاعتدال المزاج الذي يتبع صفاء النفس الذي منه جودة القريحة التي تنشأ عنها الحكمة قاله الكرماني وقوله .
5686 - فزع أهل المدينة أي سمعوا صوتا في الليل فخافوا أن يهجم عليهم عدو وقوله فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلّم قد سبق الناس إلى الصوت أي أنه سبق فاستكشف الخبر فلم يجد ما يخاف منه فرجع يسكنهم وقوله لم تراعوا هي كلمة تقال عند تسكين الروع تأنيسا وإظهارا للرفق بالمخاطب الحديث الرابع حديث جابر .
5687 - قوله سفيان هو الثوري قوله عن بن المنكدر في رواية الإسماعيلي من طريق أبي الوليد الطيالسي ومن طريق عبد الله وهو بن المبارك كلاهما عن سفيان سمعت محمد بن المنكدر قوله ما سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن شيء قط فقال لا كذا للجميع وكذا في الأدب المفرد من طريق بن عيينة سمعت بن المنكدر ووقع في رواية الإسماعيلي من الطريقين المذكورين وكذا عند مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن بن المنكدر بلفظ ما سئل شيئا قط فقال لا قال الكرماني معناه ما طلب منه شيء من أمر الدنيا فمنعه قال الفرزدق ما قال لا قط إلا في تشهده قلت وليس المراد أنه يعطى ما يطلب منه جزما بل المراد أنه لا ينطق بالرد بل إن كان عنده أعطاه إن كان الإعطاء سائغا وإلا سكت وقد ورد بيان ذلك في حديث مرسل لابن الحنفية أخرجه بن سعد ولفظه إذا سئل فأراد أن يفعل قال نعم وإذا لم يرد أن يفعل سكت وهو قريب من حديث أبي هريرة الماضي في الأطعمة ما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام معناه لم يقل لا منعا للعطاء ولا يلزم من ذلك أن لا يقولها اعتذارا كما في قوله تعالى قلت لا أجد