بها أكثر ومفسدتها أيسر وقوعا لأن الشرك ينبو عنه المسلم والعقوق ينبو عنه الطبع وأما قول الزور فإن الحوامل عليه كثيرة فحسن الاهتمام بها وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها قال وأما عطف الشهادة على القول فينبغي أن يكون تأكيدا للشهادة لأنا لو حملناه على الإطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقا كبيرة وليس كذلك وإذا كان بعض الكذب منصوصا على عظمه كقوله تعالى ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا وفي الجملة فمراتب الكذب متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده قال وقد نص الحديث الصحيح على أن الغيبة والنميمة كبيرة والغيبة تختلف بحسب القول المغتاب به فالغيبة بالقذف كبيرة ولا تساويها الغيبة بقبح الخلقه أو الهيئة مثلا والله أعلم وقال غيره يجوز أن يكون من عطف الخاص على العام لأن كل شهادة زور قول زور بغير عكس ويحتمل قول الزور على نوع خاص منه قلت والأولى ما قاله الشيخ ويؤيده وقوع الشك في ذلك في حديث أنس الذي بعده فدل على أن المراد شيء واحد وقال القرطبي شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس أو أخذ مال أو تحليل حرام أو تحريم حلال فلا شيء من الكبائر أعظم ضررا منها ولا أكثر فسادا بعد الشرك بالله وزعم بعضهم أن المراد بشهادة الزور في هذا الحديث الكفر فإن الكافر شاهد بالزور وهو ضعيف وقيل المراد من يستحل شهادة الزور وهو بعيد والله أعلم الحديث الثالث .
5632 - قوله عبيد الله بن أبي بكر أي بن أنس بن مالك ووقع كذلك في الشهادات من رواية وهب بن جرير وعبد الملك بن إبراهيم عن شعبة قوله ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم الكبائر أو سئل عن الكبائر كذا في هذه الرواية بالشك وجزم في الرواية التي في الشهادات بالثاني قال سئل الخ ووقع في الديات عن عمر وهو بن مرزوق عن شعبة عن بن أبي بكر سمع أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال أكبر الكبائر الإشراك بالله الحديث وكذا رويناه في كتاب الإيمان لابن منده وفي كتاب القضاة للنقاش من طريق أبي عامر العقدي عن شعبة وقد علق البخاري في الشهادات طريق أبي عامر ولم يسق لفظه وهذا موافق لحديث أبي بكرة في أن المذكورات من أكبر الكبائر لا من الكبائر المطلقة قوله فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قال قول الزور الخ هذا ظاهره أنه خص أكبر الكبائر بقول الزور ولكن الرواية التي أشرت إليها قبل تؤذن بأن الأربعة المذكورات مشتركات في ذلك قوله أو قال شهادة الزور قال شعبة وأكثر ظني أنه قال شهادة الزور قلت ووقع الجزم بذلك في رواية وهب بن جرير وعبد الملك بن إبراهيم في الشهادات قال قتيبة وشهادة الزور ولم يشك ولمسلم من رواية خالد بن الحارث عن شعبة وقول الزور ولم يشك أيضا وفي هذا الحديث والذي قبله استحباب إعادة الموعظة ثلاثا لتفهم وانزعاج الواعظ في وعظه ليكون أبلغ في الوعي عنه والزجر عن فعل ما ينهى عنه وفيه غلظ أمر شهادة الزور لما يترتب عليها من المفاسد وان كانت مراتبها متفاوتة وقد تقدم بيان شيء من أحكامها في كتاب الشهادات وضابط الزور وصف الشيء على خلاف ما هو به وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها وقد يضاف إلى الفعل ومنه لابس ثوبي زور ومنه تسمية الشعر الموصول زورا كما تقدم في اللباس وتقدم بيان الاختلاف في المراد بقوله تعالى والذين لا يشهدون الزور وأن الراجح أن المراد به في الآية الباطل والمراد لا يحضرونه وفيه التحريض على مجانبة كبائر الذنوب ليحصل تكفير الصغائر بذلك كما وعد الله D وفيه إشفاق التلميذ على شيخه إذا رآه منزعجا وتمنى عدم غضبه لما