( قوله باب الميثرة الحمراء ) .
ذكر فيه حديث سفيان وهو الثوري عن أشعث وهو بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد عن البراء قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلّم بسبع الحديث وفي آخره وعن لبس الحرير والديباج والإستبرق والمياثر الحمر فالحرير قد سبق القول فيه والديباج والإستبرق صنفان نفيسان منه وأما المياثر فهي جمع ميثرة تقدم ضبطها في باب لبس القسي وقد أخرج أحمد والنسائي وأصله عند أبي داود بسند صحيح عن علي قال نهى عن المياثر الأرجوان هكذا عندهم بلفظ نهى على البناء للمجهول وهو محمول على الرفع وقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه بن حبان من طريق هبيرة بن يريم بتحتانية أوله وزن عظيم عن علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن خاتم الذهب وعن لبس القسي والميثرة الحمراء قال أبو عبيد المياثر الحمر التي جاء النهي عنها كانت من مراكب العجم من ديباج وحرير وقال الطبري هي وعاء يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير من الأرجوان وحكى في المشارق قولا أنها سروج من ديباج وقولا أنها أغشية للسروج من حرير وقولا أنها تشبه المخدة تحشى بقطن أو ريش يجعلها الراكب تحته وهذا يوافق تفسير الطبري والأقوال الثلاثة يحتمل أن لا تكون متخالفة بل الميثرة تطلق على كل منها وتفسير أبي عبيد يحتمل الثاني والثالث وعلى كل تقدير فالميثرة وإن كانت من حرير فالنهي فيها كالنهي عن الجلوس على الحرير وقد تقدم القول فيه ولكن تقييدها بالأحمر أخص من مطلق الحرير فيمتنع إن كانت حريرا ويتأكد المنع ان كانت مع ذلك حمراء وإن كانت من غير حرير فالنهي فيها للزجر عن التشبه بالأعاجم قال بن بطال كلام الطبري يقتضي التسوية في المنع من الركوب عليه سواء كانت من حرير أم من غيره فكان النهي عنها إذا لم يكن من حرير للتشبه أو للسرف أو التزين وبحسب ذلك تفصيل الكراهة بين التحريم والتنزيه وأما تقييدها بالحمرة فمن يحمل المطلق على المقيد وهم الأكثر يخص المنع بما كان أحمر والأرجوان المذكور في الرواية التي أشرت إليها بضم الهمزة والجيم بينهما راء ساكنة ثم واو خفيفة وحكى عياض ثم القرطبي فتح الهمزة وأنكره النووي وصوب أن الضم هو المعروف في كتب الحديث واللغة والغريب واختلفوا في المراد به فقيل هو صبغ أحمر شديد الحمرة وهو نور شجر من أحسن الألوان وقيل الصوف الأحمر وقيل كل شيء أحمر فهو أرجوان ويقال ثوب أرجوان وقطيفة أرجوان وحكى السيرافي أحمر أرجوان فكأنه وصف للمبالغة في الحمرة كما يقال أبيض يقق وأصفر فاقع واختلفوا هل الكلمة عربية أو معربة فإن قلنا باختصاص النهي بالأحمر من المياثر فالمعنى في النهي عنها ما في غيرها كما تقدم في الباب قبله وأن قلنا لا يختص بالأحمر فالمعنى بالنهي عنها ما فيه من الترفه وقد يعتادها الشخص فتعوزه فيشق عليه تركها فيكون النهي نهي إرشاد لمصلحة دنيوية وأن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة والله أعلم