قال أبو عبيد يعني سحر قال بن القيم بنى النبي صلى الله عليه وسلّم الأمر أولا على أنه مرض وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبا فلما أوحى إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه قال ويحتمل أن مادة السحر انتهت إلى إحدى قوي الرأس حتى صار يخيل إليه ما ذكر فإن السحر قد يكون من تأثير الأرواح الخبيثة وقد يكون من انفعال الطبيعة وهو أشد السحر واستعمال الحجم لهذا الثاني نافع لأنه إذا هيج الأخلاط وظهر أثره في عضو كان استفراغ المادة الخبيثة نافعا في ذلك وقال القرطبي إنما قيل للسحر طب لأن أصل الطب الحذق بالشيء والتفطن له فلما كان كل من علاج المرض والسحر إنما يتأتى عن فطنة وحذق أطلق على كل منهما هذا الاسم قوله في مشط ومشاطة أما المشط فهو بضم الميم ويجوز كسرها أثبته أبو عبيد وأنكره أبو زيد وبالسكون فيهما وقد يضم ثانيه مع ضم أوله فقط وهو الآلة المعروفة التي يسرح بها شعر الرأس واللحية وهذا هو المشهور ويطلق المشط بالاشتراك على أشياء أخرى منها العظم العريض في الكتف وسلاميات ظهر القدم ونبت صغير يقال له مشط الذنب قال القرطبي يحتمل أن يكون الذي سحر فيه النبي صلى الله عليه وسلّم أحد هذه الأربع قلت وفاته آلة لها أسنان وفيها هراوة يقبض عليها ويغطى بها الإناة قال بن سيده في المحكم أنها تسمى المشط والمشط أيضا سمة من سمات البعير تكون في العين والفخذ ومع ذلك فالمراد بالمشط هنا هو الأول فقد وقع في رواية عمرة عن عائشة فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن مراطة رأسه وفي حديث بن عباس من شعر رأسه ومن أسنان مشطه وفي مرسل عمر بن الحكم فعمد إلى مشط وما مشط من الرأس من شعر فعقد بذلك عقدا قوله ومشاطة سيأتي بيان الاختلاف هل هي بالطاء أو القاف في آخر الكلام على هذا الحديث حيث بينه المصنف قوله وجف طلع نخلة ذكر قال عياض وقع للجرجاني يعني في البخاري والعذري يعني في مسلم بالفاء ولغيرهما بالموحدة قلت أما رواية عيسى بن يونس هنا فوقع للكشميهني بالفاء ولغيره بالموحدة وأما روايته في بدء الخلق فالجميع بالفاء وكذا في رواية بن عيينة للجميع وللمستعلي في رواية أبي أسامة بالموحدة وللكشميهني بالفاء وللجميع في رواية أبي ضمرة في الدعوات بالفاء قال القرطبي روايتنا يعني في مسلم بالفاء وقال النووي في أكثر نسخ بلادنا بالباء يعني في مسلم وفي بعضها بالفاء وهما بمعنى واحد وهو الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى فلهذا قيده بالذكر في قوله طلعة ذكر وهو بالإضافة انتهى ووقع في روايتنا هنا بالتنوين فيهما على أن لفظ ذكر صفة لجف وذكر القرطبي أن الذي بالفاء هو وعاء الطلع وهو للغشاء الذي يكون عليه وبالموحدة داخل الطلعة إذا خرج منها الكفري قاله شمر قال ويقال أيضا لداخل الركية من أسفلها إلى أعلاها جف وقيل هو من القطع يعني ما قطع من قشورها وقال أبو عمرو الشيباني الجف بالفاء شيء ينقر من جذوع النخل قوله قال وأين هو قال هو في بئر ذروان زاد بن عيينة وغيره تحت راعوفة وسيأتي شرحها بعد باب وذروان بفتح المعجمة وسكون الراء وحكى بن التين فتحها وأنه قرأه كذلك قال ولكنه بالسكون أشبه وفي رواية بن نمير عند مسلم في بئر ذي أروان ويأتي في رواية أبي ضمرة في الدعوات مثله وفي نسخة الصغاني لكن بغير لفظ بئر ولغيره في ذروان وذروان بئر في بني زريق فعلى هذا فقوله بئر ذروان من إضافة الشيء لنفسه ويجمع بينهما وبين رواية بن نمير بأن الأصل بئر ذي أروان