الله تعالى عنه قسم الشام أجنادا الأردن جند وحمص جند ودمشق جند وفلسطين جند وقنسرين جند وجعل على كل جند أميرا ومنهم من قال أن قنسرين كانت مع حمص فكانت أربعة ثم أفردت قنسرين في أيام يزيد بن معاوية قوله فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام في رواية يونس الوجع بدل الوباء وفي رواية هشام بن سعد أن عمر لما خرج إلى الشام سمع بالطاعون ولا مخالفة بينها فإن كل طاعون وباء ووجع من غير عكس قوله فقال عمر أدع لي المهاجرين الأولين في رواية يونس أجمع لي قوله ارتفعوا عني في رواية يونس فأمرهم فخرجوا عنه قوله من مشيخة قريش ضبط مشيخة بفتح الميم والتحتانية بينهما معجمة ساكنة وبفتح الميم وكسر المعجمة وسكون التحتانية جمع شيخ ويجمع أيضا على شيوخ بالضم وبالكسر واشياخ وشيخه بكسر ثم فتح وشيخان بكسر ثم سكون ومشايخ ومشيخاء بفتح ثم سكون ثم ضم ومد وقد تشبع الضمة حتى تصير واوا فنتم عشرا قوله من مهاجرة الفتح أي الذين هاجروا إلى المدينة عام الفتح أو المراد مسلمة الفتح أو أطلق على من تحول إلى المدينة بعد فتح مكة مهاجرا صورة وأن كانت الهجرة بعد الفتح حكما قد ارتفعت وأطلق عليهم ذلك احتراز عن غيرهم من مشيخة قريش ممن أقام بمكة ولم يهاجر أصلا وهذا يشعر بأن لمن هاجر فضلا في الجملة على من لم يهاجر وأن كانت الهجرة الفاضلة في الأصل إنما هي لمن هاجر قبل الفتح لقوله صلى الله عليه وسلّم لا هجرة بعد الفتح وإنما كان كذلك لأن مكة بعد الفتح صارت دار إسلام فالذي يهاجر منها للمدينة إنما يهاجر لطلب العلم أو الجهاد لا للفرار بدينه بخلاف ما قبل الفتح وقد تقدم بيان ذلك قوله بقية الناس أي الصحابة أطلق عليهم ذلك تعظيما لهم أي ليس الناس إلا هم ولهذا عطفهم على الصحابة عطف تفسير ويحتمل أن يكون المراد ببقية الناس أي الذين أدركوا النبي صلى الله عليه وسلّم عموما والمراد بالصحابة الذين لازموه وقاتلوا معه قوله فنادى عمر في الناس أني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه زاد يونس في روايته فإني ماض لما أرى فانظروا ما آمركم به فامضوا له قال فأصبح على ظهر قوله فقال أبو عبيدة وهو إذ ذاك أمير الشام أفرارا من قدر الله أي أترجع فرارا من قدر الله وفي رواية هشام بن سعد وقالت طائفة منهم أبو عبيدة أمن الموت نفر إنما نحن بقدر لن يصبنا إلا ما كتب الله لنا قوله فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة أي لعاقبته أو لكان أولى منك بذلك أو لم أتعجب منه ولكني أتعجب منك مع علمك وفضلك كيف تقول هذا ويحتمل أن يكون المحذوف لأدبته أو هي للتمني فلا يحتاج إلى جواب والمعنى أن غيرك ممن لا فهم له إذا قال ذلك يعذر وقد بين سبب ذلك بقوله وكان عمر يكره خلافه أي مخالفته قوله نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله في رواية هشام بن سعد إن تقدمنا فبقدر الله وإن تأخرنا فبقدر الله وأطلق عليه فرارا لشبهه به في الصورة وإن كان ليس فرارا شرعيا والمراد أن هجوم المرء على ما يهلكه منهي عنه ولو فعل لكان من قدر الله وتجنبه ما يؤذيه مشروع وقد يقدر الله وقوعه فيما فر منه فلو فعله أو تركه لكان من قدر الله فهما مقامان مقام التوكل ومقام التمسك بالأسباب كما سيأتي تقريره ومحصل قول عمر نفر من قدر الله إلى قدر الله أنه أراد أنه لم يفر من قدر الله حقيقة وذلك أن الذي فر منه أمر خاف على نفسه منه فلم يهجم عليه والذي فر إليه أمر لا يخاف على نفسه إلا الأمر الذي لا بد من وقوعه سواء كان ظاعنا أو مقيما قوله له عدوتان بضم العين المهملة وبكسرها أيضا وسكون الدال المهملة تثنية عدوة وهو المكان المرتفع من الوادي وهو