لكن ما كان منها سمحا أي سهلا فهو أحب إلى الله ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يسمه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول خير دينكم أيسره أو الدين جنس أي أحب الأديان إلى الله الحنيفية والمراد بالاديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ والحنيفية ملة إبراهيم والحنيف في اللغة من كان على ملة إبراهيم وسمي إبراهيم حنيفا لميله عن الباطل إلى الحق لأن أصل الحنف الميل والسمحة السهلة أي أنها مبنيه على السهولة لقوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب لأنه ليس على شرطه نعم وصله في كتاب الأدب المفرد وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس وإسناده حسن استعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصرا عن شرطه وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر .
39 - قوله حدثنا عبد السلام بن مطهر أي بن حسام البصري وكنيته أبو ظفر بالمعجمة والفاء المفتوحتين قوله حدثنا عمر بن علي هو المقدمي بضم الميم وفتح القاف والدال المشدده وهو بصري ثقة لكنه مدلس شديد التدليس وصفه بذلك بن سعد وغيره وهذا الحديث من افراد البخاري عن مسلم وصححه وأن كان من رواية مدلس بالعنعنه لتصريحه فيه بالسماع من طريق أخرى فقد رواه بن حبان في صحيحه من طريق أحمد بن المقدام أحد شيوخ البخاري عن عمر بن على المذكور قال سمعت معن بن محمد فذكره وهو من افراد معن بن محمد وهو مدني ثقة قليل الحديث لكن تابعه على شقه الثاني بن أبي ذئب عن سعيد أخرجه المصنف في كتاب الرقاق بمعناه ولفظه سددوا وقربوا وزاد في آخره والقصد القصد تبلغوا ولم يذكر شقه الأول وقد اشرنا إلى بعض شواهده ومنها حديث عروة الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال إن دين الله يسر ومنها حديث بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه رواهما أحمد وإسناد كل منهما حسن قوله ولن يشاد الدين الا غلبة هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل وثبت في رواية بن السكن وفي بعض الروايات عن الأصيلي بلفظ ولن يشاد الدين أحد الا غلبه وكذا هو في طرق هذا الحديث عند الإسماعيلي وأبي نعيم وبن حبان وغيرهم والدين منصوب على المفعوليه وكذا في روايتنا أيضا واضمر الفاعل للعلم به وحكى صاحب المطالع أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشاد مبني لما لم يسم فاعله وعارضه النووي بان أكثر الروايات بالنصب ويجمع بين كلاميهما بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة ويؤيد النصب لفظ حديث بريدة عند أحمد أنه من شاد هذا الدين يغلبه ذكره في حديث آخر يصلح أن يكون هو سبب حديث الباب والمشادة بالتشديد المغالبة يقال شاده يشاده مشادة إذا قاواه والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينيه ويترك الرفق الا عجز وانقطع فيغلب قال بن المنير في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع وليس المراد منع طلب الاكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الافراط المؤدي إلى الملال أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة أو إلى أن خرج الوقت المختار أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة وخير دينكم اليسرة وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعيه فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصه تنطع كمن