وحفظا لأنه لو تقدمهم لخشي أن ينقطع الضعيف منهم دونه وكان حرصهم على مرافقته شديدا فيلزم من سيره في مقام الطاقة صون الضعفاء لوجود من يتأخر معه قصدا من الاقوياء قوله فعجلوا فنصبوا القدور يعني من الجوع الذي كان بهم فاستعجلوا فذبحوا الذي غنموه ووضعوه في القدور ووقع في رواية داود بن عيسى عن سعيد بن مسروق فانطلق ناس من سرعان الناس فذبحوا ونصبوا قدورهم قبل أن يقسم وقد تقدم في الشركة من رواية علي بن الحكم عن أبي عوانة فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور وفي رواية الثوري فاغلوا القدور أي اوقدوا النار تحتها حتى غلت وفي رواية زائدة عن عمر بن سعيد عند أبي نعيم في المستخرج على مسلم وساق مسلم إسنادها فعجل أولهم فذبحوا ونصبوا القدور قوله فدفع النبي صلى الله عليه وسلّم إليهم دفع بضم أوله على البناء للمجهول والمعنى انه وصل إليهم ووقع في رواية زائدة عن سعيد بن مسروق فانتهى إليهم أخرجه الطبراني قوله فأمر بالقدور فأكفئت بضم الهمزة وسكون الكاف أي قلبت وافرغ ما فيها وقد اختلف في هذا المكان في شيئين أحدهما سبب الاراقة والثاني هل اتلف اللحم أم لا فأما الأول فقال عياض كانوا انتهوا إلى دار الإسلام والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة الا بعد القسمة وأن محل جواز ذلك قبل القسمة إنما هو ما داموا في دار الحرب قال ويحتمل أن سبب ذلك كونهم انتهبوها ولم يأخذوها باعتدال وعلى قدر الحاجة قال وقد وقع في حديث آخر ما يدل لذلك يشير إلى ما أخرجه أبو داود من طريق عاصم بن كليب عن أبيه وله صحبة عن رجل من الأنصار قال أصاب الناس مجاعة شديدة وجهد فأصابوا غنما فانتهبوها فإن قدورنا لتغلى بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم على فرسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال أن النهبة ليست بأحل من الميتة اه وهذا يدل على أنه عاملهم من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم كما عومل القاتل بمنع الميراث وأما الثاني فقال النووي المامور به من اراقة القدور إنما هو اتلاف المرق عقوبة لهم وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم ولا يظن أنه أمر باتلافه مع أنه صلى الله عليه وسلّم نهى عن إضاعة المال وهذا من مال الغانمين وأيضا فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة فإن منهم من لم يطبخ ومنهم المستحقون للخمس فإن قيل لم ينقل إنهم حملوا اللحم إلى المغنم قلنا ولم ينقل إنهم احرقوه أو اتلفوه فيجب تأويله على وفق القواعد اه ويرد عليه حديث أبي داود فإنه جيد الإسناد وترك تسمية الصحابي لا يضر ورجال الإسناد على شرط مسلم ولا يقال لا يلزم من تثريب اللحم اتلافه لأمكان تداركه بالغسل لأن السياق يشعر بأنه أريد المبالغة في الزجر عن ذلك الفعل فلو كان بصدد أن ينتفع به بعد ذلك لم يكن فيه كبير زجر لأن الذي يخص الواحد منهم نزر يسير فكان افسادها عليهم مع تعلق قلوبهم بها وحاجتهم إليها وشهوتهم لها أبلغ في الزجر وأبعد المهلب فقال إنما عاقبهم لأنهم استعجلوا وتركوه في آخر القوم متعرضا لمن يقصده من عدو ونحوه وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلّم كان مختارا لذلك كما تقدم تقريره ولا معنى للحمل على الظن مع ورود النص بالسبب وقال الإسماعيلي أمره صلى الله عليه وسلّم بإكفاء القدور يجوز أن يكون من أجل أن ذبح من لا يملك الشيء كله لا يكون مذكيا ويجوز أن يكون من أجل إنهم تعجلوا إلى الاختصاص بالشيء دون بقية من يستحقه من قبل أن يقسم ويخرج منه الخمس فعاقبهم بالمنع من تناول ما سبقوا إليه زجرا لهم عن معاودة مثله ثم رجح الثاني وزيف الأول بأنه لو كان كذلك لم يحل أكل البعير الناد الذي رماه أحدهم بسهم إذ لم يأذن لهم الكل في رميه مع أن رميه ذكاة له كما نص عليه في نفس حديث الباب اه ملخصا