المرأة لاقمت عليها الحد من أجل الشبه الظاهر بالذي رميت به ويستفاد منه أنه صلى الله عليه وسلّم كان يحكم بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه وحي خاص فإذا انزل الوحي بالحكم في تلك المسألة قطع النظر وعمل بما نزل وأجرى الأمر على الظاهر ولو قامت قرينة تقتضي خلاف الظاهر وفي أحاديث اللعان من الفوائد غير ما تقدم أن المفتي إذا سئل عن واقعه ولم يعلم حكمها ورجا أن يجد فيها نصا لا يبادر إلى الاجتهاد فيها وفيه الرحلة في المسألة النازلة لأن سعيد بن جبير رحل من العراق إلى مكة من أجل مسألة الملاعنة وفيه إتيان العالم في منزله ولو كان في قائلته إذا عرف الاتي أنه لا يشق عليه وفيه تعظيم العالم ومخاطبته بكنيته وفيه التسبيح عند التعجب وأشعار بسعة علم سعيد بن جبير لأن بن عمر عجب من خفاء مثل هذا الحكم عليه ويحتمل أن يكون تعجبه لعلمه بأن الحكم المذكور كان مشهورا من قبل فتعجب كيف خفي على بعض الناس وفيه بيان اوليات الأشياء والعناية بمعرفتها لقول بن عمر أول من سأل عن ذلك فلان وقول أنس أول لعان كان وفيه أن البلاء موكل بالمنطق وأنه أن لم يقع بالناطق وقع بمن له به وصله وأن الحاكم يردع الخصم عن التمادي على الباطل بالموعظة والتذكير والتحذير ويكرر ذلك ليكون أبلغ وفيه ارتكاب أخف المفسدتين بترك اثقلهما لأن مفسدة الصبر على خلاف ما توجبه الغيرة مع قبحه وشدته أسهل من الأقدام على القتل الذي يؤدي إلى الاقتصاص من القاتل وقد نهج له الشارع سبيلا إلى الراحة منها إما بالطلاق وأما باللعان وفيه أن الاستفهام بأرأيت كان قديما وأن خبر الواحد يعمل به إذا كان ثقة وأنه يسن للحاكم وعظ المتلاعنين عند إرادة التلاعن ويتأكد عند الخامسة ونقل بن دقيق العيد عن الفقهاء إنهم خصوه بالمرأة عند إرادة تلفظها بالغضب واستشكله بما في حديث بن عمر لكن قد صرح جماعة من الشافعية وغيرهم باستحباب وعظهما معا وفيه ذكر الدليل مع بيان الحكم وفيه كراهة المسائل التي يترتب عليها هتك المسلم أو التوصل إلى اذيته بأي سبب كان وفي كلام الشافعي إشارة إلى أن كراهة ذلك كانت خاصة بزمنه صلى الله عليه وسلّم من أجل نزول الوحي لئلا تقع المسألة عن شيء مباح فيقع التحريم بسبب المسألة وقد ثبت في الصحيح أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته وقد استمر جماعة من السلف على كراهة السؤال عما لم يقع لكن عمل الأكثر على خلافة فلا يحصى ما فرعه الفقهاء من المسائل قبل وقوعها وفيه أن الصحابة كانوا يسألون عن الحكم الذي لم ينزل فيه وحي وفيه أن للعالم إذا كره السؤال أن يعيبه ويهجنه وأن من لقي شيئا من المكروه بسبب غيره يعاتبه عليه وأن المحتاج إلى معرفة الحكم لا يرده كراهة العالم لما سأل عنه ولا غضبه عليه ولا جفاؤه له بل يعاود ملاطفته إلى ان يقضي حاجته وأن السؤال عما يلزم من أمور الدين مشروع سرا وجهرا وأن لا عيب في ذلك على السائل ولو كان مما يستقبح وفيه التحريض على التوبة والعمل بالستر وانحصار الحق في أحد الجانبين عند تعذر الواسطة لقوله أن أحدكما كاذب وأن الخصمين المتكاذبين لا يعاقب واحد منهما وأن أحاط العلم بكذب أحدهما لا بعينه وفيه أن اللعان إذا وقع سقط حد القذف عن الملاعن للمرأة وللذي رميت به لأنه صرح في بعض طرقه بتسمية المقذوف ومع ذلك لم ينقل أن القاذف حد قال الداودي لم يقل به مالك لأنه لم يبلغه الحديث ولو بلغه لقال به وأجاب بعض من قال يحد من المالكية والحنفية بأن المقذوف لم يطلب وهو حقه فلذلك لم ينقل أن القاذف حد لان الحد سقط من أصله باللعان وذكر عياض أن بعض أصحابهم اعتذر عن ذلك بأن شريكا كان يهوديا وقد بينت ما فيه في باب يبدأ الرجل بالتلاعن وفيه أنه ليس على الإمام أن يعلم المقذوف بما