وقعت فقد كان المسلمون يسألون عن النوازل فيجيبهم صلى الله عليه وسلّم بغير كراهة فلما كان في سؤال عاصم شناعة ويترتب عليه تسليط اليهود والمنافقين على أعراض المسلمين كره مسألته وربما كان في المسألة تضييق وكان صلى الله عليه وسلّم يحب التيسير على أمته وشواهد ذلك في الأحاديث كثيرة وفي حديث جابر ما نزلت آية اللعان الا لكثرة السؤال أخرجه الخطيب في المبهمات من طريق مجالد عن عامر عنه قوله فقال عويمر والله لا انتهى في رواية الكشميهني ما انتهى أي ما أرجع عن السؤال ولو نهيت عنه زاد بن أبي ذئب في روايته عن بن شهاب في هذا الحديث كما سيأتي في الاعتصام فانزل الله القرآن خلف عاصم أي بعد ان رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي رواية بن جريج في الباب الذي بعد هذا فانزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر الملاعنة وفي رواية إبراهيم بن سعد فأتاه فوجده قد انزل الله عليه قوله فأقبل عويمر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالنصب وسط الناس بفتح السين وبسكونها قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد انزل الله فيك وفي صاحبتك ظاهر هذا السياق أنه كان تقدم منه إشارة إلى خصوص ما وقع له مع امرأته فيترجح أحد الاحتمالات التي أشار إليها بن العربي لكن ظهر لي من بقية الطرق أن في السياق اختصارا ويوضح ذلك ما وقع في حديث بن عمر في قصة العجلاني بعد قوله أن تكلم تكلم بأمر عظيم وأن سكت سكت على مثل ذلك فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلّم فلما كان بعد ذلك أتاه فقال أن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فدل على أنه لم يذكر امرأته الا بعد ان انصرف ثم عاد ووقع في حديث بن مسعود أن الرجل لما قال وأن سكت سكت على غيظ قال النبي صلى الله عليه وسلّم اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان وهذا ظاهره أن الآية نزلت عقب السؤال لكن يحتمل أن يتخلل بين الدعاء والنزول زمن بحيث يذهب عاصم ويعود عويمر وهذا كله ظاهر جدا في أن القصة نزلت بسبب عويمر ويعارضه ما تقدم في تفسير النور من حديث بن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلّم البينة أو حد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق انني لصادق ولينزلن الله في ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل عليه والذين يرمون ازواجهم الحديث وفي رواية عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس في هذا الحديث عند أبي داود فقال هلال وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجا قال فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كذلك إذ نزل عليه الوحي وفي حديث أنس عند مسلم أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء بن مالك لأمه وكان أول رجل لاعن في الإسلام فهذا يدل على أن الآية نزلت بسبب هلال وقد قدمت اختلاف أهل العلم في الراجح من ذلك وبينت كيفية الجمع بينهما في تفسير سورة النور بأن يكون هلال سأل أولا ثم سأل عويمر فنزلت في شأنهما معا وظهر لي الآن احتمال أن يكون عاصم سأل قبل النزول ثم جاء هلال بعده فنزلت عند سؤاله فجاء عويمر في المرة الثانية التي قال فيها أن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فوجد الآية نزلت في شأن هلال فأعلمه صلى الله عليه وسلّم بأنها نزلت فيه يعني أنها نزلت في كل من وقع له ذلك لأن ذلك لا يختص بهلال وكذا يجاب على سياق حديث بن مسعود يحتمل أنه لما شرع يدعو بعد توجه العجلاني جاء هلال فذكر قصته فنزلت فجاء عويمر فقال قد نزل فيك وفي صاحبتك قوله فاذهب فأت بها يعني فذهب فأتى بها واستدل به على أن اللعان يكون عند الحاكم وبأمره فلو تراضيا بمن يلاعن بينهما فلاعن لم يصح لأن في اللعان من التغليظ ما يقتضي أن يختص به الحكام وفي حديث بن عمر فتلاهن عليه أي الآيات التي في سورة النور ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب