من ازواجكم إلى الكفار فعاقبتم ثم ذكر أثر مجاهد المقوي لدعوى عطاء أن ذلك كان خاصا بذلك العهد الذي وقع بين المسلمين وبين قريش وأن ذلك انقطع يوم الفتح وكأنه أشار بذلك إلى ان الذي وقع في ذلك الوقت من تقرير المسلمة تحت المشرك لانتظار إسلامه ما دامت في العدة منسوخ لما دلت عليه هذه الآثار من اختصاص ذلك بأولئك وأن الحكم بعد ذلك فيمن أسلمت أن لا تقر تحت زوجها المشرك أصلا ولو أسلم وهي في العدة وقد ورد في أصل المسألة حديثان متعارضان أحدهما أخرجه أحمد من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رد ابنته زينب على أبي العاص وكان اسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ولم يحدث شيئا وأخرجه أصحاب السنن الا النسائي وقال الترمذي لا بأس بإسناده وصححه الحاكم ووقع في رواية بعضهم بعد سنتين وفي أخرى بعد ثلاث وهو اختلاف جمع بينه على أن المراد بالست ما بين هجرة زينب واسلامه وهو بين في المغازي فإنه أسر ببدر فأرسلت زينب من مكة في فدائه فأطلق لها بغير فداء وشرط النبي صلى الله عليه وسلّم عليه أن يرسل له زينب فوفى له بذلك واليه الإشارة في الحديث الصحيح بقوله صلى الله عليه وسلّم في حقه حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي والمراد بالسنتين أو الثلاث ما بين نزول قوله تعالى لا هن حل لهم وقدومه مسلما فإن بينهما سنتين وأشهرا الحديث الثاني أخرجه الترمذي وبن ماجة من رواية حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلّم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد قال الترمذي وفي إسناده مقال ثم أخرج عن يزيد بن هارون أنه حدث بالحديثين عن بن إسحاق وعن حجاج بن أرطاة ثم قال يزيد حديث بن عباس أقوى إسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب يريد عمل أهل العراق وقال الترمذي في حديث بن عباس لا يعرف وجهه وأشار بذلك إلى أن ردها إليه بعد ست سنين أو بعد سنتين أو ثلاث مشكل لاستبعاد أن تبقى في العدة هذه المدة ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسألة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن اسلامها حتى انقضت عدتها وممن نقل الإجماع في ذلك بن عبد البر وأشار إلى أن بعض أهل الظاهر قال بجوازه ورده بالإجماع المذكور وتعقب بثبوت الخلاف فيه قديما وهو منقول عن علي وعن إبراهيم النخعي أخرجه بن أبي شيبة عنهما بطرق قوية وبه أفتي حماد شيخ أبي حنيفة وأجاب الخطابي عن الاشكال بأن بقاء العدة في تلك المدة ممكن وان لم تجر العادة غالبا به ولا سيما إذا كانت المدة إنما هي سنتان وأشهر فإن الحيض قد يبطيء عن ذوات الاقراء لعارض علة أحيانا وبحاصل هذا أجاب البيهقي وهو أولي ما يعتمد في ذلك وحكى الترمذي في العلل المفرد عن البخاري أن حديث بن عباس أصح من حديث عمرو بن شعيب وعلته تدليس حجاج بن أرطاة وله علة أشد من ذلك وهي ما ذكره أبو عبيد في كتاب النكاح عن يحيى القطان أن حجاجا لم يسمعه من عمرو بن شعيب وإنما حمله عن العزرمي والعزرمي ضعيف جدا وكذا قال أحمد بعد تخريجه قال والعزرمي لا يساوي حديثه شيئا قال والصحيح إنهما أقرأ على النكاح الأول وجنح بن عبد البر إلى ترجيح حديث ما دل عليه حديث عمرو بن شعيب وأن حديث بن عباس لا يخالفه قال والجمع بين الحديثين أولي من الغاء أحدهما فحمل قوله في حديث بن عباس بالنكاح الأول أي بشروطه وأن معنى قوله لم يحدث شيئا أي لم يزد على ذلك شيئا قال وحديث عمرو بن شعيب تعضده الأصول وقد صرح فيه بوقوع عقد جديد ومهر جديد والأخذ بالصريح أولي من الأخذ بالمحتمل ويؤيده مذهب بن عباس المحكي