الطلاق وما تصرف منه صريح لكن أخرج أبو عبيد في غريب الحديث من طريق عبد الله بن شهاب الخولاني عن عمر أنه رفع إليه رجل قالت له امرأته شبهني فقال كأنك ظبية قالت لا قال كأنك حمامه قالت لا أرضى حتى تقول أنت خلية طالق فقالها فقال له عمر خذ بيدها فهي امرأتك قال أبو عبيد قوله خلية طالق أي ناقة كانت معقولة ثم أطلقت من عقالها وخلى عنها فتسمى خلية لأنها خليت عن العقال وطالق لأنها طلقت منه فأراد الرجل أنها تشبه الناقة ولم يقصد الطلاق بمعنى الفراق أصلا فأسقط عنه عمر الطلاق قال أبو عبيد وهذا أصل لكل من تكلم بشيء من ألفاظ الطلاق ولم يرد الفراق بل أراد غيره فالقول قوله فيه فيما بينه وبين الله تعالى اه وإلى هذا ذهب الجمهور لكن المشكل من قصة عمر كونه رفع إليه وهو حاكم فإن كان اجراه مجرى الفتيا ولم يكن هناك حكم فيوافق وإلا فهو من النوادر وقد نقل الخطابي الإجماع على خلافه لكن أثبت غيره الخلاف وعزاه لداود وفي البويطي ما يقتضيه وحكاه الروياني ولكن أوله الجمهور وشرطوا قصد لفظ الطلاق لمعنى الطلاق ليخرج العجمي مثلا إذا لقن كلمة الطلاق فقالها وهو لا يعرف معناها أو العربي بالعكس وشرطوا مع النطق بلفظ الطلاق تعمد ذلك احترازا عما يسبق به اللسان والإختيار ليخرج المكره لكن أن أكره فقالها مع القصد إلى الطلاق وقع في الأصح قوله وقول الله تعالى وسرحوهن سراحا جميلا كأنه يشير إلى أن في هذه الآية لفظ التسريح بمعنى الإرسال لا بمعنى الطلاق لأنه أمر من طلق قبل الدخول أن يمتع ثم يسرح وليس المراد من الآية تطليقها بعد التطليق قطعا قوله وقال وأسرحكن يعني قوله تعالى يا أيها النبي قل لأزواجك أن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن وأسرحكن سراحا جميلا والتسريح في هذه الآية محتمل للتطليق والارسال وإذا كانت صالحة للامرين انتفى أن تكون صريحة في الطلاق وذلك راجع إلى الاختلاف فيما خير به النبي صلى الله عليه وسلّم نساءه هل كان في الطلاق والإقامة فإذا اختارت نفسها طلقت وأن اختارت الإقامة لم تطلق كما تقدم تقريره في الباب قبله أو كان في التخيير بين الدنيا والآخرة فمن اختارت الدنيا طلقها ثم متعها ثم سرحها ومن اختارت الآخرة اقرها في عصمته قوله وقال تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان تقدم في الباب قبله بيان الاختلاف في المراد بالتسريح هنا وان الراجح أن المراد به التطليق قوله وقال أو فارقوهن بمعروف يريد أن هذه الآية وردت بلفظ الفراق في موضع ورودها في البقرة بلفظ السراح والحكم فيهما واحد لأنه ورد في الموضعين بعد وقوع الطلاق فليس المراد به الطلاق بل الإرسال وقد اختلف السلف قديما وحديثا في هذه المسألة فجاء عن علي بأسانيد يعضد بعضها بعضا وأخرجها بن أبي شيبة والبيهقي وغيرهما قال البرية والخلية والبائن والحرام والبت ثلاث ثلاث وبه قال مالك وبن أبي ليلى والأوزاعي لكن قال في الخلية أنها واحدة رجعية ونقله عن الزهري وعن زيد بن ثابت في البرية والبتة والحرام ثلاث ثلاث وعن بن عمر في الخلية والبرية ثلاث وبه قال قتادة ومثله عن الزهري في البرية فقط واحتج بعض المالكية بان قول الرجل لامرأته أنت بائن وبته وبتلة وخلية وبرية يتضمن إيقاع الطلاق لأن معناه أنت طالق مني طلاقا تبينين به مني أو تبت أي يقطع عصمتك مني والبتلة بمعناه أو تخلين به من زوجيتي أو تبرين منها قال وهذا لا يكون في المدخول بها الا ثلاثا إذا لم يكن هناك خلع وتعقب بأن الحمل على ذلك ليس صريحا والعصمة الثابتة لا ترفع بالاحتمال وبأن من يقول أن من قال لزوجته أنت طالق طلقة بائنة إذا لم يكن هناك خلع أنها تقع رجعية مع التصريح كيف لا يقول يلغو مع التقدير