ما أجد أي من شغل قلبه بما بلغه من اعتزال النبي صلى الله عليه وسلّم نساءه وأن ذلك لا يكون الا عن غضب منه ولاحتمال صحة ما أشيع من تطليق نسائه ومن جملتهن حفصة بنت عمر فتنقطع الوصلة بينهما وفي ذلك من المشقة عليه ما لا يخفى قوله فقلت لغلام له اسود في رواية عبيد بن حنين فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مشربه يرقى عليها بعجلة وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أسود على رأس العجلة واسم هذا الغلام رباح بفتح الراء وتخفيف الموحدة سماه سماك في روايته ولفظه فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم قاعد على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وينحدر وعرف بهذا تفسير العجلة المذكورة في رواية غيره وسيأتي في حديث أبي الضحى الذي أشرت إليه بحث في ذلك والاسكفة في روايته بضم الهمزة والكاف بينهما مهملة ثم فاء مشددة هي عتبة الباب السفلى وقوله على نقير بنون ثم قاف بوزن عظيم أي منقور ووقع في بعض روايات مسلم بفاء بدل النون وهو الذي جعلت فيه فقر كالدرج قوله استأذن لعمر في رواية عبيد بن حنين فقلت له قل هذا عمر بن الخطاب قوله فصمت بفتح الميم أي سكت وفي رواية سماك فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا واتفقت الروايتان على أنه أعاد الذهاب والمجيء ثلاث مرات لكن ليس ذلك صريحا في رواية سماك بل ظاهر روايته أنه أعاد الاستئذان فقط ولم يقع شيء من ذلك في رواية عبيد بن حنين ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم في المرتين الأوليين كان نائما أو ظن أن عمر جاء يستعطفه على أزواجه لكون حفصة ابنته منهن قوله فنكست منصرفا أي رجعت إلى ورائي فإذا الغلام يدعوني وفي رواية معمر فوليت مدبرا وفي رواية سماك ثم رفعت صوتي فقلت يا رباح استأذن لي فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ظن إني جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني بضرب عنقها لأضربن عنقها وهذا يقوي الاحتمال الثاني لأنه لما صرح في حق ابنته بما قال كان أبعد أن يستعطفه لضرائرها قوله فإذا هو مضطجع على رمال بكسر الراء وقد تضم وفي رواية معمر على رمل بسكون الميم والمراد به النسج تقول رملت الحصير وارملته إذا نسجته وحصير مرمول أي منسوج والمراد هنا أن سريره كان مرمولا بما يرمل به الحصير ووقع في رواية أخرى على رمال سرير ووقع في رواية سماك على حصير وقد أثر الحصير في جنبه وكأنه أطلق عليه حصيرا تغليبا وقال الخطابي رمال الحصير ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب فكأنه عنده اسم جمع وقوله ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه يؤيد ما قدمته أنه أطلق على نسج السرير حصيرا قوله فقلت وأنا قائم أطلقت نساءك فرفع إلى بصره فقال لا فقلت الله أكبر قال الكرماني لما ظن الأنصاري أن الاعتزال طلاق أو ناشيء عن طلاق أخبر عمر بوقوع الطلاق جازما به فلما استفسر عمر عن ذلك فلم يجد له حقيقة كبر تعجبا من ذلك اه ويحتمل أن يكون كبر الله حامدا له على ما أنعم به عليه من عدم وقوع الطلاق وفي حديث أم سلمة عند بن سعد فكبر عمر تكبيرة سمعناها ونحن في بيوتنا فعلمنا أن عمر سأله أطلقت نساءك فقال لا فكبر حتى جاءنا الخبر بعد ووقع في رواية سماك فقلت يا رسول الله اطلقتهن قال لا قلت إني دخلت المسجد والمسلمون ينكثون الحصا يقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلّم نساءه أفأنزل فأخبرهم انك لم تطلقهن قال نعم أن شئت وفيه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه قوله ثم قلت وأنا قائم استأنس يا رسول الله لو رأيتني يحتمل أن يكون قوله استفهاما بطريق الاستئذان