إيراد البخاري بهذه اللفظة المعلقة عن عبيد بن حنين في اثناء المتن المساق من رواية بن أبي ثور فصار الظاهر أنه تحول إلى سياق عبيد بن حنين وقد سلم من هذا الاشكال النسفي فلم يسق المتن ولا القدر المعلق بل قال فذكر الحديث واجتزأ بما وقع من طريق بن أبي ثور في المظالم ومن طريق عبيد بن حنين في تفسير التحريم ووقع في مستخرج أبي نعيم ذكر القدر المعلق عن عبيد بن حنين في آخر الحديث ولا اشكال فيه وكأن البخاري أراد أن يبين أن هذا اللفظ وهو طلق نساءه لم تتفق الروايات عليه فلعل بعضهم رواها بالمعنى نعم وقع عند مسلم من طريق سماك بن زميل عن بن عباس أن عمر قال فدخلت المسجد فإذا الناس يقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلّم نساءه وعند بن مردويه من طريق سلمة بن كهيل عن بن عباس أن عمر قال لقيني عبد الله بن عمر ببعض طرق المدينة فقال أن النبي صلى الله عليه وسلّم طلق نساءه وهذا أن كان محفوظا حمل على أن بن عمر لاقى أباه وهو جاء من منزله فأخبره بمثل ما أخبره به الأنصاري ولعل الجزم وقع من اشاعة بعض أهل النفاق فتناقله الناس وأصله ما وقع من اعتزال النبي صلى الله عليه وسلّم نساءه ولم تجر عادته بذلك فظنوا أنه طلقهن ولذلك لم يعاتب عمر الأنصاري على ما جزم له به من وقوع ذلك وقد وقع في حديث سماك بن الوليد عند مسلم في آخره ونزلت هذه الآية وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به إلى قوله يستنبطونه منهم قال فكنت أنا استنبط ذلك الأمر والمعنى لو ردوه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم حتى يكون هو المخبر به أو إلى أولي الأمر كأكابر الصحابة لعلموه لفهم المراد منه باستخراجهم بالفهم والتلطف ما يخفي عن غيرهم وعلى هذا فالمراد بالإذاعة قولهم واشاعتهم أنه طلق نساءه بغير تحقق ولا تثبت حتى شفي عمر في الاطلاع على حقيقة ذلك وفي المراد بالمذاع وفي الآية أقوال أخرى ليس هذا موضع بسطها قوله خابت حفصة وخسرت إنما خصها بالذكر لمكانتها منه لكونها بنته ولكونه كان قريب العهد بتحذيرها من وقوع ذلك ووقع في رواية عبيد بن حنين فقلت رغم انف حفصة وعائشة وكأنه خصهما بالذكر لكونهما كانتا السبب في ذلك كما سيأتي بيانه قوله قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون بكسر الشين من يوشك أي يقرب وذلك لما كان تقدم له من أن مراجعتهن قد تفضي إلى الغضب المفضي إلى الفرقة قوله فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلّم في رواية سماك دخلت المسجد فإذا الناس ينكثون الحصا ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلّم نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب كذا في هذه الرواية وهو غلط بين فإن نزول الحجاب كان في أول زواج النبي صلى الله عليه وسلّم زينب بنت جحش كما تقدم بيانه واضحا في تفسير سورة الأحزاب وهذه القصة كانت سبب نزول آية التخيير وكانت زينب بنت جحش فيمن خير وقد تقدم ذكر عمر لها في قوله ولا حسن زينب بنت جحش وسيأتي بعد ثمانية أبواب من طريق أبي الضحى عن بن عباس قال أصبحنا يوما ونساء النبي صلى الله عليه وسلّم يبكين فخرجت إلى المسجد فجاء عمر فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو في غرفة له فذكر هذه القصة مختصرا فحضور بن عباس ومشاهدته لذلك يقتضي تأخر هذه القصة عن الحجاب فإن بين الحجاب وانتقال بن عباس إلى المدينة مع أبويه نحو أربع سنين لأنهم قدموا بعد فتح مكة فآية التخيير على هذا نزلت سنة تسع لأن الفتح كان سنة ثمان والحجاب كان سنة أربع أو خمس وهذا من رواية عكرمة بن عمار بالإسناد الذي أخرج به مسلم أيضا قول أبي سفيان عندي أجمل العرب أم حبيبة ازوجكها قال نعم وأنكره الأئمة وبالغ بن حزم في إنكاره وأجابوا بتأويلات بعيدة ولم يتعرض لهذا الموضع وهو نظير ذلك الموضع والله الموفق وأحسن محامله عندي أن