اللائق بالسياق في حق هرقل ما تقدم قوله ملك الختان بضم الميم واسكان اللام وللكشميهني بفتح الميم وكسر اللام قوله قد ظهر أي غلب يعني دله نظره في حكم النجوم على أن ملك الختان قد غلب وهو كما قال لأن في تلك الأيام كان ابتداء ظهور النبي صلى الله عليه وسلّم إذ صالح كفار مكة بالحديبية وأنزل الله تعالى عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا إذ فتح مكة كان سببه نقض قريش العهد الذي كان بينهم بالحديبية ومقدمة الظهور ظهور قوله من هذه الأمة أي من أهل هذا العصر وإطلاق الأمة على أهل العصر كلهم فيه تجوز وهذا بخلاف قوله بعد هذا ملك هذه الأمة قد ظهر فإن مراده به العرب خاصة والحصر في قولهم إلا اليهود هو بمقتضى علمهم لأن اليهود كانوا بإيلياء وهي بيت المقدس كثيرين تحت الذلة مع الروم بخلاف العرب فأنهم وإن كان منهم من هو تحت طاعة ملك الروم كآل غسان لكنهم كانوا ملوكا برأسهم قوله فلا يهمنك بضم أوله من أهم أثار الهم وقوله شأنهم أي أمرهم ومدائن جمع مدينة قال أبو على الفارسي من جعله فعيلة من قولك مدن بالمكان أي أقام به همزة كقبائل ومن جعله مفعلة من قولك دين أي ملك لم يهمز كمعايش انتهى وما ذكره في معايش هو المشهور وقد روى خارجة عن نافع القارئ الهمز في معايش وقال القزاز من همزها توهمها من فعيلة لشبهها بها في اللفظ انتهى قوله فبينما هم على أمرهم أي في هذه المشورة قوله أتى هرقل برجل لم يذكر من أحضره وملك غسان هو صاحب بصري الذي قدمنا ذكره وأشرنا إلى أن بن السكن روى أنه أرسل من عنده عدي بن حاتم فيحتمل أن يكون هو المذكور والله أعلم قوله عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسر ذلك بن إسحاق في روايته فقال خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي فقد اتبعه ناس وخالفه ناس فكانت بينهم ملاحم في مواطن فتركتهم وهم على ذلك فبين ما أجمل في حديث الباب لأنه يوهم أن ذلك كان في أوائل ما ظهر النبي صلى الله عليه وسلّم وفي روايته أنه قال جردوه فإذا هو مختتن فقال هذا والله الذي رأيته أعطه ثوبه قوله هم يختتنون في رواية الأصيلي هم مختتنون بالميم والأول أفيد وأشمل قوله هذا ملك هذه الأمة قد ظهر كذا لأكثر الرواة بالضم ثم السكون وللقابسى بالفتح ثم الكسر ولأبي ذر عن الكشميهني وحده يملك فعل مضارع قال القاضي أظنها ضمة الميم اتصلت بها فتصحفت ووجهه السهيلي في أماليه بأنه مبتدأ وخبر أي هذا المذكور يملك هذه الأمة وقيل يجوز أن يكون يملك نعتا أي هذا رجل يملك هذه الأمة وقال شيخنا يجوز أن يكون المحذوف هو الموصول على رأى الكوفيين أي هذا الذي يملك وهو نظير قوله وهذا تحملين طليق على أن الكوفيين يجوزون استعمال اسم الإشارة بمعنى الاسم الموصول فيكون التقدير الذي يملك من غير حذف قلت لكن اتفاق الرواة على حذف الياء في أوله دال على ما قال القاضي فيكون شاذا على أنني رأيت في أصل معتمد وعليه علامة السرخسي بباء موحدة في أوله وتوجيهها أقرب من توجيه الأول لأنه حينئذ تكون الإشارة بهذا إلى ما ذكره من نظره في حكم النجوم والباء متعلقة بظهر أي هذا الحكم ظهر بملك هذه الأمة التي تختتن قوله برومية بالتخفيف وهي مدينة معروفة للروم وحمص مجرور بالفتحة منع صرفة للعلمية والتأنيث ويحتمل أن يجوز صرفه قوله فلم يرم بفتح أوله وكسر الراء أي لم يبرح من مكانه هذا هو المعروف وقال الداودي لم يصل إلى حمص وزيفوه قوله حتى أتاه كتاب من صاحبه وفي حديث دحية الذي أشرت إليه قال فلما خرجوا أدخلني عليه وأرسل إلى الأسقف وهو صاحب أمرهم فقال هذا الذي كنا ننتظر وبشرنا به عيسى أما أنا فمصدقه ومتبعه فقال له قيصر أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي فذكر القصة وفي آخره فقال لي الأسقف خذ هذا الكتاب وأذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه السلام وأخبره أني أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله وأني قد آمنت به وصدقته وأنهم قد أنكروا على ذلك