كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن صوت المزهر ايقن انهن هوالك وقع في رواية عمر بن عبد الله عند النسائي والزبير المبارح بدل المبارك وفي رواية أبي يعلى المزاهر بصيغة الجمع وعند الزبير الضيف بدل المزهر والمبارك بفتحتين جمع مبرك وهو موضع نزول الإبل والمسارح جمع مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر بكسر الميم وسكون الزاي وفتح الهاء آلة من الات اللهو وقيل هي العود وقيل دف مربع وأنكر أبو سعيد الضرير تفسير المزهر بالعود فقال ما كانت العرب تعرف العود الا من خالط الحضر منهم وإنما هو بضم الميم وكسر الهاء وهو الذي يوقد النار فيزهرها للضيف فإذا سمعت الإبل صوته ومعمعان النار عرفت أن ضيفا طرق فتيقنت الهلاك وتعقبه عياض بان الناس كلهم رووه بكسر الميم وفتح الهاء ثم قال ومن الذي أخبره أن مالكا المذكور لم يخالط الحضر ولا سيما مع ما جاء في بعض طرق هذا الحديث انهن كن من قرية من قرى اليمن وفي الأخرى انهن من أهل مكة وقد كثر ذكر المزهر في اشعار العرب جاهليتها واسلامها ببدويها وحضريها اه ويرد عليه أيضا وروده بصيغة الجمع فإنه بعينه للآلة ووقع في رواية يعقوب بن السكيت وبن الأنباري من الزيادة وهو إمام القوم في المهالك فجمعت في وصفها له بين الثروة والكرم وكثرة القرى والاستعداد له والمبالغة في صفاته ووصفته أيضا مع ذلك بالشجاعة لأن المراد بالمهالك الحروب وهو لثقته بشجاعته يتقدم رفقته وقيل أرادت أنه هاد في السبل الخفية عالم بالطرق في البيداء فالمراد على هذا بالمهالك المفاوز والأول أليق والله أعلم وما في قولها وما مالك استفهامية يقال للتعظيم والتعجب والمعنى وأي شيء هو مالك ما اعظمه واكرمه وتكرير الاسم ادخل في باب التعظيم وقولها مالك خير من ذلك زيادة في الاعظام وتفسير لبعض الإبهام وأنه خير مما اشير إليه من ثناء وطيب ذكر وفوق ما اعتقد فيه من سؤدد وفخر وهو أجل ممن اصفه لشهرة فضله وهذا بناء على أن الإشارة بقولها ذلك إلى ما تعتقده فيه من صفات المدح ويحتمل أن يكون المراد مالك خير من كل مالك والتعميم يستفاد من المقام كما قيل تمرة خير من جرادة أي كل تمرة خير من كل جرادة وهذا إشارة إلى ما في ذهن المخاطب أي مالك خير مما في ذهنك من مالك الأموال وهو خير مما سأصفه به ويحتمل أن تكون الإشارة إلى ما تقدم من الثناء على الذين قبله وأن مالكا أجمع من الذين قبله لخصال السيادة والفضل ومعنى قولها قليلات المسارح أنه لاستعداده للضيفان بها لا يوجه منهن إلى المسارح الا قليلا ويترك سائرهن بفنائه فإن فاجأه ضيف وجد عنده ما يقريه به من لحومها وألبانها ومنه قول الشاعر حبسنا ولم نسرح لكي لا يلومنا على حكمه صبرا معودة الحبس ويحتمل أن تريد بقولها قليلات المسارح الإشارة إلى كثرة طروق الضيفان فاليوم الذي يطرقه الضيف فيه لا تسرح حتى يأخذ منها حاجته للضيفان واليوم الذي لا يطرقه فيه أحد أو يكون هو فيه غائبا تسرح كلها فأيام الطروق أكثر من أيام عدمه فهي لذلك قليلات المسارح وبهذا يندفع اعتراض من قال لو كانت قليلات المسارح لكانت في غاية الهزال وقيل المراد بكثرة المبارك أنها كثيرا ما تثار فتحلب ثم تترك فتكثر مباركها لذلك وقال بن السكيت أن المراد أن مباركها على العطايا والحمالات وأداء الحقوق وقرى الاضياف كثيرة وإنما يسرح منها ما فضل عن ذلك فالحاصل أنها في الأصل كثيرة ولذلك كانت مباركها كثيرة ثم إذا سرحت