لم يقف على حقيقة ذلك أن الثانية التي سميت عمرة بنت عمرو هي التي قالت زوجي لا أبث خبره وليس كذلك بل هي التي قالت زوجي المس مس ارنب وهكذا الخ فللتنبيه عليه فائدة من هذه الحيثية قوله فتعاهدن وتعاقدن أي ألزمن أنفسهن عهدا وعقدن على الصدق من ضمائرهن عقدا قوله أن لا يكتمن في رواية بن أبي أويس وعقبة أن يتصادقن بينهن ولا يكتمن وفي رواية سعيد بن سلمة عند الطبراني أن ينعتن أزواجهن ويصدقن وفي رواية الزبير فتبايعن على ذلك قوله قالت الأولى زوجي لحم جمل غث بفتح المعجمة وتشديد المثلثة ويجوز جره صفة للجمل ورفعه صفة للحم قال بن الجوزي المشهور في الرواية الخفض وقال بن ناصر الجيد الرفع ونقله عن التبريزي وغيره والغث الهزيل الذي يستغث من هزاله أي يستترك ويستكره مأخوذ من قولهم غث الجرح غثا وغثيثا إذا سأل منه القيح واستغثه صاحبه ومنه اغث الحديث ومنه غث فلان في خلقه وكثر استعماله في مقابلة السمين فيقال للحديث المختلط فيه الغث والسمين قوله على رأس جبل في رواية أبي عبيد والترمذي وعر وفي رواية الزبير بن بكار وعث وهي اوفق للسجع والأول ظاهر أي كثير الضجر شديد الغلظة يصعب الرقي إليه والوعث بالمثلثة الصعب المرتقي بحيث توحل فيه الأقدام فلا يتخلص منه ويشق فيه المشي ومنه وعثاء السفر قوله لا سهل بالفتح بلا تنوين وكذا ولا سمين ويجوز فيهما الرفع على خبر مبتدأ مضمر أي لا هو سهل ولا سمين ويجوز الجر على إنهما صفة جمل وجبل ووقع في رواية عقبة بن خالد عن هشام عند النسائي بالنصب منونا فيهما لا سهلا ولا سمينا وفي رواية عمر بن عبد الله بن عروة عنده لا بالسمين ولا بالسهل قال عياض أحسن الأوجه عندي الرفع في الكلمتين من جهة سياق الكلام وتصحيح المعنى لا من جهة تقويم اللفظ وذلك أنها أودعت كلامها تشبيه شيئين بشيئين شبهت زوجها باللحم الغث وشبهت سوء خلقه بالجبل الوعر ثم فسرت ما اجملت فكأنها قالت لا الجبل سهلا فلا يشق ارتقاؤه لاخذ اللحم ولو كان هزيلا لأن الشيء المزهود فيه أن يؤخذ إذا وجد بغير نصب ثم قالت ولا اللحم سمين فيتحمل المشقة في صعود الجبل لأجل تحصيله قوله فيرتقي أي فيصعد فيه وهو وصف للجبل وفي رواية للطبراني لا سهل فيرتقي إليه قوله ولا سمين فينتقل في رواية أبي عبيد فينتقي وهذا وصف اللحم والأول من الانتقال أي أنه لهزاله لا يرغب أحد فيه فينتقل إليه يقال انتقلت الشيء أي نقلته ومعنى ينتقي ليس له نقي يستخرج والنقى المخ يقال نقوت العظم ونقيته وأنتقيته إذا استخرجت مخه وقد كثر استعماله في اختيار الجيد من الرديء قال عياض أرادت أنه ليس له نقي فطلب لأجل ما فيه من النقي وليس المراد أنه فيه نقي يطلب استخراجه قالوا آخر ما يبقى في الجمل مخ عظم المفاصل ومخ العين وإذا نفدا لم يبق فيه خير قالوا وصفته بقلة الخير وبعده مع القلة فشبهته باللحم الذي صغرت عظامه من النقي وخبث طعمه وريحه مع كونه في مرتقى يشق الوصول إليه فلا يرغب أحدا في طلبه لينقله إليه مع توفر دواعي أكثر الناس على تناول الشيء المبذول مجانا وقال النووي فسره الجمهور بأنه قليل الخير من أوجه منها كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن مثلا ومنها أنه مع ذلك مهزول رديء ويؤيده قول أبي سعيد الضرير ليس في اللحوم أشد غثاثة من لحم الجمل لأنه يجمع خبث الطعم وخبث الريح ومنه أنه صعب التناول لا يوصل إليه الا بمشقة شديدة وذهب الخطابي إلى أن تشبيهها بالجبل الوعر إشارة إلى سوء خلقة وأنه يترفع ويتكبر ويسمو بنفسه فوق موضعها في فيجمع البخل وسوء الخلق وقال عياض شبهت وعورة خلقه بالجبل