آخره وكانت تحت المقداد بن الأسود ظاهر سياقه أنه من كلام عائشة ويحتمل أنه من كلام عروة وهذا القدر هو المقصود من هذا الحديث في هذا الباب فإن المقداد وهو بن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري لكونه تبناه فكان من حلفاء قريش وتزوج ضباعة وهي هاشمية فلولا أن الكفاءة لا تعتبر بالنسب لما جاز له أن يتزوجها لأنها فوقه في النسب وللذي يعتبر الكفاءة في النسب إن يجيب بأنها رضيت هي واولياؤها فسقط حقهم من الكفاءة وهو جواب صحيح أن ثبت أصل اعتبار الكفاءة في النسب الحديث الثالث حديث أبي هريرة .
4802 - قوله تنكح المرأة لأربع أي لأجل أربع قوله لمالها ولحسبها بفتح المهملتين ثم موحدة أي شرفها والحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالاقارب مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر ابائهم وقومهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة وقيل المال وهو مردود لذكر المال قبله وذكره معطوفا عليه وقد وقع في مرسل يحيى بن جعدة عند سعيد بن منصور على دينها ومالها وعلى حسبها ونسبها وذكر النسب على هذا تأكيد ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبه الا أن تعارض نسيبه غير دينة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا في كل الصفات وأما قول بعض الشافعية يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة فإن كان مستندا إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب أن الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه وأما ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه بن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه أن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال فيحتمل أن يكون المراد أنه حسب من لا حسب له فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له ومنه حديث سمرة رفعه الحسب المال والكرم التقوى أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو والحاكم وبهذا الحديث تمسك من اعتبر الكفاءة بالمال وسيأتي في الباب الذي بعده أو أن من شأن أهل الدنيا رفعه من كان كثير المال ولو كان وضيعا وضعه من كان مقلا ولو كان رفيع النسب كما هو موحود مشاهد فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال كما سيأتي البحث فيه لا على الثاني لكونه سيق في الإنكار على من يفعل ذلك وقد أخرج مسلم الحديث من طريق عطاء عن جابر وليس فيه ذكر الحسب اقتصر على الدين والمال والجمال قوله وجمالها يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة الا أن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولي ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق قوله فاظفر بذات الدين في حديث جابر فعليك بذات الدين والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلّم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية وقد وقع في حديث عبد الله بن عمرو عند بن ماجة رفعه لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن أي يهلكهن ولا تزوجوهن لاموالهن فعسى اموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء ذات دين أفضل قوله تربت يداك أي لصقتا بالتراب وهي كناية عن الفقر وهو خير بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته وبهذا جزم صاحب العمدة زاد غيره أن صدور ذلك من النبي صلى الله عليه وسلّم في حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه وحكى بن العربي أن معناه استغنت ورد بان المعروف اترب إذا استغنى وترب إذا افتقر ووجه بأن الغني الناشيء عن المال تراب لأن جميع ما في الدنيا تراب ولا يخفى بعده وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه تقدير شرط أي وقع لك ذلك