معناه ما يعدمه غيره ويعجز عنه يصيبه هو ويكسبه قال أعرابي يمدح إنسانا كان أكسبهم لمعدوم واعطاهم لمحروم وأنشد في وصف ذئب كسوب كذا المعدوم من كسب واحد أي مما يكسبه وحده انتهى ولغير الكشميهني وتكسب بفتح أوله قال عياض وهذه الرواية أصح قلت قد وجهنا الأولى وهذه الراجحة ومعناها تعطى الناس ما لا يجدونه عند غيرك فحذف أحد المفعولين ويقال كسبت الرجل مالا وأكسبته بمعنى وقيل معناه تكسب المال المعدوم وتصيب منه مالا يصيب غيرك وكانت العرب تتمادح بكسب المال لا سيما قريش وكان النبي صلى الله عليه وسلّم قبل البعثة محظوظا في التجارة وإنما يصح هذا المعنى إذا ضم إليه ما يليق به من أنه كان مع إفادته للمال يجود به في الوجوه التي ذكرت في المكرمات وقولها وتعين على نوائب الحق هي كلمة جامعة لافراد ما تقدم ولما لم يتقدم وفي رواية المصنف في التفسير من طريق يونس عن الزهري من الزيادة وتصدق الحديث وهي من أشرف الخصال وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة وتؤدي الأمانة وفي هذه القصة من الفوائد استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه وتهوينه لديه وأن من نزل به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه قوله فانطلقت به أي مضت معه فالباء للمصاحبة وورقة بفتح الراء وقوله بن عم خديجة هو بنصب بن ويكتب بالألف وهو بدل من ورقة أو صفة أو بيان ولا يجوز جره فأنه يصير صفة لعبد العزي وليس كذلك ولا كتبه بغير ألف لأنه لم يقع بين علمين قوله تنصر أي صار نصرانيا وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل ولهذا أخبر بشأن النبي صلى الله عليه وسلّم والبشارة به إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل وأما زيد بن عمرو فسيأتي خبره في المناقب إن شاء الله تعالى قوله فكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية وفي رواية يونس ومعمر ويكتب من الإنجيل بالعربية ولمسلم فكان يكتب الكتاب العربي والجميع صحيح لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي لتمكنه من الكتابين واللسانين ووقع لبعض الشراح هنا خبط فلا يعرج عليه وإنما وصفته بكتابة الإنجيل دون حفظه لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسرا كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة فلهذا جاء في صفتها أناجيلها صدورها قولها يا بن عم هذا النداء على حقيقته ووقع في مسلم يا عم وهو وهم لأنه وأن كان صحيحا لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فتعين الحمل على الحقيقة وإنما جوزنا ذلك فيما مضى في العبراني والعربي لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة واختلفت المخارج فأمكن التعداد وهذا الحكم يطرد في جميع ما أشبهه وقالت في حق النبي صلى الله عليه وسلّم أسمع من بن أخيك لأن والده عبد الله بن عبد المطلب وورقة في عدد النسب إلى قصي بن كلاب الذي يجتمعان فيه سواء فكان من هذه الحيثية في درجة إخوته أو قالته على سبيل التوقير لسنه وفيه إرشاد إلى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرف بقدره ممن يكون أقرب منه إلى المسئول وذلك مستفاد من قول خديجة لورقة أسمع من بن أخيك أرادت بذلك أن يتأهب لسماع كلام النبي صلى الله عليه وسلّم وذلك أبلغ في التعليم قوله ماذا ترى فيه حذف يدل عليه سياق الكلام وقد صرح به في دلائل النبوة لأبي نعيم بسند حسن إلى عبد الله بن شداد في هذه القصة قال فأتت به ورقة بن عمها فأخبرته بالذي رأى قوله هذا الناموس الذي نزل الله على موسى وللكشميهني انزل الله وفي التفسير أنزل على البناء للمفعول وأشار بقوله هذا إلى الملك الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلّم في خبره ونزله منزلة القريب لقرب ذكره