مقصور غير منون وحكى تنوينها وعزاه بن دحية إلى رواية أبي الهيثم الكشميهني وضعفها وحكى عن بن مغور أن أبا ذر الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم حيث ينفرد لأنه لم يكن من أهل العلم قلت وهذا ليس على إطلاقه فإن في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من رواية غيره كما سيأتي مبينا في مواضعه وقال التيمي في شرحه قوله دنيا هو تأنيث الأدنى ليس بمصروف لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث وتعقب بأن لزوم التأنيث للألف المقصورة كاف في عدم الصرف وأما الوصفيه فقال بن مالك استعمال دنيا منكرا فيه إشكال لأنها أفعل التفضيل فكان من حقها أن تستعمل باللام كالكبرى والحسنى قال إلا أنها خلعت عنها الوصفية وأجريت مجرى ما لم يكن وصفا قط ومثله قول الشاعر وإن دعوت إلى جلى ومكرمة يوما سراة كرام الناس فادعينا وقال الكرماني قوله إلى يتعلق بالهجرة إن كان لفظ كانت تامة أو هو خبر لكانت إن كانت ناقصة ثم أورد ما محصله أن لفظ كان إن كان للآمر الماضي فلا يعلم ما الحكم بعد صدور هذا القول في ذلك وأجاب بأنه يجوز أن يراد بلفظ كان الوجود من غير تقييد بزمان أو يقاس المستقبل على الماضي أو من جهة أن حكم المكلفين سواء قوله يصيبها أي يحصلها لأن تحصيلها كاصابة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود قوله أو امرأة قيل التنصيص عليها من الخاص بعد العام للاهتمام به وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الاثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها وتعقب بكونها في سياق الشرط فتعم ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير لأن الافتتان بها أشد وقد تقدم النقل عمن حكى أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته ونقل بن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحه ثم تحتانية ساكنه وحكى بن بطال عن بن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية ويراعون الكفاءة في النسب فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربيه وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوج خلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام وإطلاقه أن الإسلام أبطل الكفاءة في مقام المنع قوله فهجرته إلى ما هاجر إليه يحتمل أن يكون ذكره بالضمير ليتناول ما ذكر من المرأة وغيرها وإنما ابرز الضمير في الجملة التي قبلها وهي المحذوفة لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما بخلاف الدنيا والمرأة فإن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما وقال الكرماني يحتمل أن يكون قوله إلى ما هاجر إليه متعلقا بالهجرة فيكون الخبر محذوفا والتقدير قبيحة أو غير صحيحة مثلا ويحتمل أن يكون خبر فهجرته والجملة خبر المبتدأ الذي هو من كانت انتهى وهذا الثاني هو الراجح لأن الأول يقتضى أن تلك الهجرة مذمومة مطلقا وليس كذلك إلا أن حمل على تقدير شيء يقتضى التردد أو القصور عن الهجرة الخالصه كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصه فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة لكن دون ثواب من أخلص وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالاعفاف ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت إني قد أسلمت فإن أسلمت تزوجتك فأسلم فتزوجته وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهة وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية