معروفين من شيوخ البخاري لكن الناقد أخص من غيره بالرواية عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ورواية صالح بن كيسان عن بن شهاب من رواية الأقران بل صالح بن كيسان أكبر سنا من بن شهاب وأقدم سماعا وإبراهيم بن سعد قد سمع من بن شهاب كما سيأتي تصريحه بتحديثه له في الحديث الآتي بعد باب واحد قوله إن الله تابع على رسوله صلى الله عليه وسلّم قبل وفاته كذا للأكثر وفي رواية أبي ذر أن الله تابع على رسوله الوحي قبل وفاته أي أكثر إنزاله قرب وفاته صلى الله عليه وسلّم والسر في ذلك أن الوفود بعد فتح مكة كثروا وكثر سؤالهم عن الأحكام فكثر النزول بسبب ذلك ووقع لي سبب تحديث أنس بذلك من رواية الدراوردي عن الامامي عن الزهري سألت أنس بن مالك هل فتر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلّم قبل أن يموت قال أكثر ما كان وأجمه أورده بن يونس في تاريخ مصر في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي مريم .
4697 - قوله حتى توفاه أكثر ما كان الوحي أي الزمان الذي وقعت فيه وفاته كان نزول الوحي فيه أكثر من غيره من الأزمنة قوله ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد فيه إظهار ما تضمنته الغاية في قوله حتى توفاه الله وهذا الذي وقع أخيرا على خلاف ما وقع أولا فإن الوحي في أول البعثة فتر فترة ثم كثر وفي أثناء النزول بمكة لم ينزل من السور الطوال إلا القليل ثم بعد الهجرة نزلت السور الطوال المشتملة على غالب الأحكام إلا أنه كان الزمن الأخير من الحياة النبوية أكثر الأزمنة نزولا بالسبب المتقدم وبهذا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة لتضمنه الإشارة إلى كيفية النزول الحديث السادس .
4698 - قوله حدثنا سفيان هو الثوري وقد تقدم شرح الحديث قريبا في سورة والضحى ووجه إيراده في هذا الباب الإشارة إلى أن تأخير النزول أحيانا إنما كان يقع لحكمة تقتضي ذلك لا لقصد تركه أصلا فكان نزوله على أنحاء شتى تارة يتتابع وتارة يتراخى وفي إنزاله مفرقا وجوه من الحكمة منها تسهيل حفظه لأنه لو نزل جملة واحدة على أمة أمية لا يقرأ غالبهم ولا يكتب لشق عليهم حفظه وأشار سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله ردا على الكفار وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك أي أنزلناه مفرقا لنثبت به فؤادك وبقوله تعالى وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ومنها ما يستلزمه من الشرف له والعناية به لكثرة تردد رسول ربه إليه يعلمه بأحكام ما يقع له وأجوبة ما يسأل عنه من الأحكام والحوادث ومنها أنه أنزل على سبعة أحرف فناسب أن ينزل مفرقا إذ لو نزل دفعة واحدة لشق بيانها عادة ومنها أن الله قدر أن ينسخ من أحكامه ما شاء فكان إنزاله مفرقا لينفصل الناسخ من المنسوخ أولى من إنزالهما معا وقد ضبط النقلة ترتيب نزول السور كما سيأتي في باب تأليف القرآن ولم يضبطوا من ترتيب نزول الآيات إلا قليلا وقد تقدم في تفسير اقرأ باسم ربك أنها أول سورة نزلت ومع ذلك فنزل من أولها أولا خمس آيات ثم نزل باقيها بعد ذلك وكذلك سورة المدثر الت نزلت بعدها نزل أولها أولا ثم نزل سائرها بعد وأوضح من ذلك ما أخرجه أحصاب السنن الثلاثة وصححه الحاكم وغيره من حديث بن عباس عن عثمان قال كان النبي صلى الله عليه وسلّم ينزل عليه الآيات فيقول ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى