البسملة وكتاب لأبي ذر ووقع لغبره فضائل القرآن حسب قوله كيف نزل الوحي وأول ما نزل كذا لأبي ذر نزل بلفظ الفعل الماضي ولغيره كيف نزول الوحي بصيغة الجمع وقد تقدم البحث في كيفية نزوله في حديث عائشة أن الحارث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلّم كيف يأتيك الوحي في أول الصحيح وكذا أول نزوله في حديثها أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة لكن التعبير بأول ما نزل أخص من التعبير بأول ما بدئ لأن النزول يقتضي وجود من ينزل به سواء وقع ذلك في النوم أو في اليقظة وأما انتزاع ذلك من أحاديث الباب فسأذكره إن شاء الله تعالى عند شرح كل حديث منها قوله قال بن عباس المهيمن الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله تقدم بيان هذا الأثر وذكر من وصله في تفسير سورة المائدة وهو يتعلق بأصل الترجمة وهي فضائل القرآن وتوجيه كلام بن عباس أن القرآن تضمن تصديق جميع ما أنزل قبله لأن الأحكام التي فيه إما مقررة لما سبق وإما ناسخة وذلك يستدعي إثبات المنسوخ وإما مجددة وكل ذلك دال على تفضيل المجدد ثم ذكر المصنف في الباب ستة أحاديث الأول والثاني حديثا بن عباس وعائشة معا .
4694 - قوله عن شيبان هو بن عبد الرحمن ويحيى هو بن أبي كثير وأبو سلمة هو بن عبد الرحمن قوله لبث النبي صلى الله عليه وسلّم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشر سنين كذا الكشميهني ولغيره وبالمدينة عشرا بإبهام المعدود وهذا ظاهره أنه صلى الله عليه وسلّم عاش ستين سنة إذا انضم إلى المشهور أنه بعث على رأس الأربعين لكن يمكن أن يكون الراوي ألغى الكسر كما تقدم بيانه في الوفاة النبوية فإن كل من روى عنه أنه عاش ستين أو أكثر من ثلاث وستين جاء عنه أنه عاش ثلاثا وستين فالمعتمد أنه عاش ثلاثا وستين وما يخالف ذلك إما أن يحمل على إلغاء الكسر في السنين وإما على جبر الكسر في الشهور وأما حديث الباب فيمكن أن يجمع بينه وبين المشهور بوجه آخر وهو أنه بعث على رأس الأربعين فكانت مدة وحي المنام ستة أشهر إلى أن نزل عليه الملك في شهر رمضان من غير فترة ثم فتر الوحي ثم تواتر وتتابع فكانت مدة تواتره وتتابعه بمكة عشر سنين من غير فترة أو أنه على رأس الأربعين قرنبه ميكائيل أو اسرافيل فكان يلقى إليه الكلمة أو الشيء مدة ثلاث سنين كما جاء من وجه مرسل ثم قرن به جبريل فكان ينزل عليه بالقرآن مدة عشر سنين بمكة ويؤخذ من هذا الحديث مما يتعلق بالترجمة أنه نزل مفرقا ولم ينزل جملة واحدة ولعله أشار إلى ما أخرجه النسائي وأبو عبيد والحاكم من وجه آخر عن بن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة وقرأ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث الآية وفي رواية للحاكم والبيهقي في الدلائل فرق في السنين وفي أخرى صحيحة لابن أبي شيبة والحاكم أيضا وضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلّم وإسناده صحيح ووقع في المنهاج للحليمي أن جبريل كان ينزل منه من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى السماء الدنيا قدر ما ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلّم في تلك السنة إلى ليلة القدر التي تليها إلى أن أنزله كله في عشرين ليلة من عشرين سنة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وهذا أورده بن الأنباري من طريق ضعيفة ومنقطعة أيضا وما تقدم من أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم أنزل بعد ذلك مفرقا هو الصحيح المعتمد وحكى الماوردي في تفسير ليلة القدر