عن الشعبي عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن كعب مثله قال يعني الشعبي فأتى مسروق عائشة فذكر الحديث فظهر بذلك سبب سؤال مسروق لعائشة عن ذلك قوله يا أمتاه أصله يا أم والهاء للسكت فأضيف إليها ألف الاستغاثة فأبدلت تاء وزيدت هاء السكت بعد الألف ووقع في كلام الخطابي إذا نادوا قالوا يا أمة عند السكت وعند الوصل يا أمت بالمثناة فإذا فتحوا للندبة قالوا يا أمتاه والهاء للسكت وتعقبه الكرماني بأن قول مسروق يا أمتاه ليس للندبة إذ ليس هو تفجعا عليها وهو كما قال قوله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلّم ربه قالت لقد قف شعري أي قام من الفزع لما حصل عندها من هيبة الله واعتقدته من تنزيهه واستحالة وقوع ذلك قال النضر بن شميل القف بفتح القاف وتشديد الفاء كالقشعريرة وأصله التقبض والاجتماع لأن الجلد ينقبض عند الفزع فيقوم الشعر لذلك قوله أين أنت من ثلاث أي كيف يغيب فهمك عن هذه الثلاث وكان ينبغي لك أن تكون مستحضرها ومعتقدا كذب من يدعي وقوعها قوله من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلّم رأى ربه فقد كذب تقدم في بدء الخلق من رواية القاسم بن محمد عن عائشة من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم ولمسلم من حديث مسروق المذكور من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي فقد أعظم على الله الفرية قوله ثم قرأت لا تدركه الأبصار قال النووي تبعا لغيره لم تنف عائشة وقوع الرؤية بحديث مرفوع ولو كان معها لذكرته وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرته من ظاهر الآية وقد خالفها غيرها من الصحابة والصحابي إذا قال قولا وخالفه غيره منهم لم يكن ذلك القول حجة اتفاقا والمراد بالإدراك في الآية الإحاطة وذلك لا ينافي الرؤية انتهى وجزمه بان عائشة لم تنف الرؤية بحديث مرفوع تبع فيه بن خزيمة فإنه قال في كتاب التوحيد من صحيحه النفي لا يوجب علما ولم تحك عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلّم أخبرها أنه لم ير ربه وإنما تأولت الآية انتهى وهو عجيب فقد ثبت ذلك عنها في صحيح مسلم الذي شرحه الشيخ فعنده من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق في الطريق المذكورة قال مسروق وكنت متكئا فجلست فقلت ألم يقل الله ولقد رآه نزلة أخرى فقالت أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال إنما هو جبريل وأخرجه بن مردويه من طريق أخرى عن داود بهذا الإسناد فقالت أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن هذا فقلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال لا إنما رأيت جبريل منهبطا نعم احتجاج عائشة بالآية المذكورة خالفها فيه بن عباس فأخرج الترمذي من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال رأى محمد ربه قلت أليس الله يقول لا تدركه الأبصار قال ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره وقد رأى ربه مرتين وحاصله أن المراد بالآية نفي الإحاطة به عند رؤياه لا نفي أصل رؤياه واستدل القرطبي في المفهم لأن الإدراك لا ينافي الرؤيه بقوله تعالى حكاية عن أصحاب موسى فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا وهو استدلال عجيب لأن متعلق الإدراك في آية الأنعام البصر فلما نفى كان ظاهره نفي الرؤية بخلاف الإدراك الذي في قصة موسى ولولا وجود الأخبار بثبوت الرؤية ما ساغ العدول عن الظاهر ثم قال القرطبي الأبصار في الآية جمع محلى بالألف واللام فيقبل التخصيص وقد ثبت دليل ذلك سمعا في قوله تعالى كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فيكون المراد الكفار بدليل قوله تعالى في الآية الأخرى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال وإذا جازت في الآخرة جازت في الدنيا لتساوي الوقتين بالنسبة إلى المرئي انتهى وهو استدلال جيد وقال عياض رؤية الله سبحانه وتعالى جائزة